{ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ 42 وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُون 43}
من سنة القرآن الجمع بين الوعد والوعيد والثواب والعقاب يبدأ بأحدهما لمناسبة السياق قبله ويقفي عليه بالآخر .ولهذا عطف بيان جزاء السعداء على بيان جزاء الأشقياء فقال:{ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَات} أي والذين آمنوا بالله واليوم الآخر وعملوا الأعمال الصالحات على الوجه الذي دعتهم إليه الرسل ، وهي لا عسر فيها ولا حرج إذ{ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} أي لا نفرض على المكلف إلا ما يكون في وسعه ، وهو ما لا يضيق به ذرعه ، ولا يشق عليه أداؤه .وهذه جملة معترضة هنا ، وقد تقدم مثلها في آخر سورة البقرة ، ( مع إسناد الفعل المنفي إلى اسم الجلالة ) وما في معناها من إرادة اليسر دون العسر في آيات الصيام منها ، ومن عدم إرادة الحرج في آية الوضوء من سورة المائدة فهذه الآيات نصوص قطعية في يسر الدين وسهولته وهي حجة قطعية على ما أحدثه المتوسعون في الاستنباط والاجتهاد في أحكام العبادات التي جعلوها حملا ثقيلا يعسر تعلمه ، ولا يدخل في وسع أحد عمله ،{ إلا المتنطعين من العباد ) حتى أن أحكام الطهارة وحدها لا يمكن تلقي ما كتبوه فيها إلا في عدة أشهر .
{ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون} أي أولئك الجامعون بين الإيمان والأعمال التي تصلح بها نفس الإنسان ، وتزكو فتكون أهلا للنعيم والرضوان ، هم أصحاب الجنة الذين يخلدون فيها أبدا ، وقد تكرره نظيره .