وقوله:( نساؤكم حرث لكم ) قال ابن عباس:الحرث موضع الولد ( فأتوا حرثكم أنى شئتم ) أي:كيف شئتم مقبلة ومدبرة في صمام واحد ، كما ثبتت بذلك الأحاديث .
قال البخاري:حدثنا أبو نعيم ، حدثنا سفيان عن ابن المنكدر قال:سمعت جابرا قال:كانت اليهود تقول:إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول ، فنزلت:( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) ورواه داود من حديث سفيان الثوري به .
وقال ابن أبي حاتم:حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني مالك بن أنس وابن جريج وسفيان بن سعيد الثوري:أن محمد بن المنكدر حدثهم:أن جابر بن عبد الله أخبره:أن اليهود قالوا للمسلمين:من أتى امرأة وهي مدبرة جاء الولد أحول ، فأنزل الله عز وجل:( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم )
قال ابن جريج في الحديث:فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مقبلة ومدبرة ، إذا كان ذلك في الفرج ".
وفي حديث بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة القشيري ، عن أبيه ، عن جده أنه قال:يا رسول الله ، نساؤنا ما نأتي منها وما نذر ؟ قال:"حرثك ، ائت حرثك أنى شئت ، غير ألا تضرب الوجه ، ولا تقبح ، ولا تهجر إلا في المبيت . الحديث ، رواه أحمد ، وأهل السنن .
حديث آخر:قال ابن أبي حاتم:حدثنا يونس ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب ، عن عامر بن يحيى ، عن حنش بن عبد الله ، عن عبد الله بن عباس قال:أتى ناس من حمير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسألوه عن أشياء ، فقال له رجل:إني أجبي النساء ، فكيف ترى في ذلك ، فأنزل الله:( نساؤكم حرث لكم ) .
حديث آخر:قال أبو جعفر الطحاوي في كتابه "مشكل الحديث ":حدثنا أحمد بن داود بن موسى ، حدثنا يعقوب بن كاسب ، حدثنا عبد الله بن نافع ، عن هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري:أن رجلا أصاب امرأة في دبرها ، فأنكر الناس عليه ذلك ، فأنزل الله:( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) ورواه ابن جرير عن يونس وعن يعقوب ، به .
حديث آخر:قال الإمام أحمد:حدثنا عفان ، حدثنا وهيب ، حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم عن عبد الرحمن بن سابط قال:دخلت على حفصة ابنة عبد الرحمن بن أبي بكر فقلت:إني سائلك عن أمر ، وإنى أستحيي أن أسألك . قالت:فلا تستحيي يا ابن أخي . قال:عن إتيان النساء في أدبارهن ؟ قالت:حدثتني أم سلمة أن الأنصار كانوا لا يجبون النساء ، وكانت اليهود تقول:إنه من جبى امرأته كان الولد أحول ، فلما قدم المهاجرون المدينة نكحوا في نساء الأنصار ، فجبوهن ، فأبت امرأة أن تطيع زوجها وقالت:لن تفعل ذلك حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم . فدخلت على أم سلمة فذكرت لها ذلك ، فقالت:اجلسي حتى يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم استحيت الأنصارية أن تسأله ، فخرجت ، فحدثت أم سلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"ادعي الأنصارية ":فدعيت ، فتلا عليها هذه الآية:"( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) صماما واحدا ".
ورواه الترمذي ، عن بندار ، عن ابن مهدي ، عن سفيان ، عن ابن خثيم به . وقال:حسن .
قلت:وقد روي من طريق حماد بن أبي حنيفة ، عن أبيه ، عن ابن خثيم عن يوسف بن ماهك ، عن حفصة أم المؤمنين:أن امرأة أتتها فقالت:إن زوجي يأتيني محيية ومستقبلة فكرهته ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال:"لا بأس إذا كان في صمام واحد ".
حديث آخر:قال الإمام أحمد:حدثنا حسن ، حدثنا يعقوب يعني القمي عن جعفر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال:جاء عمر بن الخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:يا رسول الله ، هلكت ! قال:"ما الذي أهلكك ؟ "قال:حولت رحلي البارحة ! قال:فلم يرد عليه شيئا . قال:فأوحى الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية:( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) أقبل وأدبر ، واتق الدبر والحيضة ".
رواه الترمذي ، عن عبد بن حميد ، عن حسن بن موسى الأشيب ، به . وقال:حسن غريب .
وقال الإمام أحمد:حدثنا يحيى بن غيلان ، حدثنا رشدين ، حدثني الحسن بن ثوبان ، عن عامر بن يحيى المعافري ، عن حنش ، عن ابن عباس قال:أنزلت هذه الآية:( نساؤكم حرث لكم ) في أناس من الأنصار ، أتوا النبي صلى الله عليه وسلم ، فسألوه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"آتها على كل حال ، إذا كان في الفرج ".
وقال الحافظ أبو يعلى:حدثنا الحارث بن سريج حدثنا عبد الله بن نافع ، حدثنا هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد قال:أثفر رجل امرأته على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا:أثفر فلان امرأته ، فأنزل الله عز وجل:( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) .
وقال أبو داود:حدثنا عبد العزيز بن يحيى أبو الأصبغ ، قال:حدثني محمد يعني ابن سلمة عن محمد بن إسحاق ، عن أبان بن صالح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال:إن ابن عمر والله يغفر له أوهم ، إنما كان أهل هذا الحي من الأنصار وهم أهل وثن مع أهل هذا الحي من يهود وهم أهل كتاب وكانوا يرون لهم فضلا عليهم في العلم ، فكانوا يقتدون بكثير من فعلهم ، وكان من أمر أهل الكتاب لا يأتون النساء إلا على حرف ، وذلك أستر ما تكون المرأة ، فكان هذا الحي من الأنصار قد أخذوا بذلك من فعلهم ، وكان هذا الحي من قريش يشرحون النساء شرحا منكرا ، ويتلذذون بهن مقبلات ومدبرات ومستلقيات . فلما قدم المهاجرون المدينة تزوج رجل منهم امرأة من الأنصار ، فذهب يصنع بها ذلك ، فأنكرته عليه ، وقالت:إنما كنا نؤتى على حرف . فاصنع ذلك وإلا فاجتنبني ، فسرى أمرهما ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله:( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) أي:مقبلات ، ومدبرات ، ومستلقيات يعني بذلك موضع الولد .
تفرد به أبو داود ، ويشهد له بالصحة ما تقدم من الأحاديث ، ولا سيما رواية أم سلمة ، فإنها مشابهة لهذا السياق .
وقد روى هذا الحديث الحافظ أبو القاسم الطبراني من طريق محمد بن إسحاق ، عن أبان بن صالح ، عن مجاهد قال:عرضت المصحف على ابن عباس من فاتحته إلى خاتمته ، أوقفه عند كل آية منه وأسأله عنها ، حتى انتهيت إلى هذه الآية:( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) فقال ابن عباس:إن هذا الحي من قريش كانوا يشرحون النساء بمكة ، ويتلذذون بهن . . فذكر القصة بتمام سياقها .
وقول ابن عباس:"إن ابن عمر والله يغفر له أوهم ". كأنه يشير إلى ما رواه البخاري:
حدثنا إسحاق ، حدثنا النضر بن شميل ، أخبرنا ابن عون عن نافع قال:كان ابن عمر إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ منه ، فأخذت عليه يوما فقرأ سورة البقرة ، حتى انتهى إلى مكان قال:أتدري فيم أنزلت ؟ قلت:لا . قال:أنزلت في كذا وكذا . ثم مضى . وعن عبد الصمد قال:حدثني أبي ، حدثني أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر:( فأتوا حرثكم أنى شئتم ) قال:يأتيها في . . .
هكذا رواه البخاري ، وقد تفرد به من هذه الوجوه .
وقال ابن جرير:حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، حدثنا ابن عون ، عن نافع قال:قرأت ذات يوم:( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) فقال ابن عمر:أتدري فيم نزلت ؟ قلت:لا . قال:نزلت في إتيان النساء في أدبارهن .
وحدثني أبو قلابة ، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ، حدثني أبي ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر:( فأتوا حرثكم أنى شئتم ) قال:في الدبر .
وروي من حديث مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ، ولا يصح .
وروى النسائي ، عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، عن أبي بكر بن أبي أويس ، عن سليمان بن بلال ، عن زيد بن أسلم ، عن ابن عمر:أن رجلا أتى امرأته في دبرها ، فوجد في نفسه من ذلك وجدا شديدا ، فأنزل الله:( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) .
قال أبو حاتم الرازي:لو كان هذا عند زيد بن أسلم ، عن ابن عمر لما أولع الناس بنافع . وهذا تعليل منه لهذا الحديث .
وقد رواه عبد الله بن نافع ، عن داود بن قيس ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن ابن عمر فذكره .
وهذا محمول على ما تقدم ، وهو أنه يأتيها في قبلها من دبرها ، لما رواه النسائي أيضا عن علي بن عثمان النفيلي ، عن سعيد بن عيسى ، عن المفضل بن فضالة عن عبد الله بن سليمان الطويل ، عن كعب بن علقمة ، عن أبي النضر:أنه أخبره أنه قال لنافع مولى ابن عمر:إنه قد أكثر عليك القول:إنك تقول عن ابن عمر إنه أفتى أن تؤتى النساء في أدبارهن قال:كذبوا علي ، ولكن سأحدثك كيف كان الأمر:إن ابن عمر عرض المصحف يوما وأنا عنده ، حتى بلغ:( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) فقال:يا نافع ، هل تعلم من أمر هذه الآية ؟ قلت:لا . قال:إنا كنا معشر قريش نجبي النساء ، فلما دخلنا المدينة ونكحنا نساء الأنصار ، أردنا منهن مثل ما كنا نريد فإذا هن قد كرهن ذلك وأعظمنه ، وكانت نساء الأنصار قد أخذن بحال اليهود ، إنما يؤتين على جنوبهن ، فأنزل الله:( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) .
وهذا إسناد صحيح ، وقد رواه ابن مردويه ، عن الطبراني ، عن الحسين بن إسحاق ، عن زكريا بن يحيى الكاتب العمري ، عن مفضل بن فضالة ، عن عبد الله بن عياش عن كعب بن علقمة ، فذكره . وقد روينا عن ابن عمر خلاف ذلك صريحا ، وأنه لا يباح ولا يحل كما سيأتي ، وإن كان قد نسب هذا القول إلى طائفة من فقهاء المدينة وغيرهم ، وعزاه بعضهم إلى الإمام مالك في كتاب السر وأكثر الناس ينكر أن يصح ذلك عن الإمام مالك ، رحمه الله . وقد وردت الأحاديث المروية من طرق متعددة بالزجر عن فعله وتعاطيه ; فقال الحسن بن عرفة:
حدثنا إسماعيل بن عياش عن سهيل بن أبي صالح ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"استحيوا ، إن الله لا يستحيي من الحق ، لا يحل مأتى النساء في حشوشهن ".
وقال الإمام أحمد:حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن عبد بن شداد عن رجل عن خزيمة بن ثابت:أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يأتي الرجل امرأته في دبرها .
طريق أخرى:قال أحمد:حدثنا يعقوب ، سمعت أبي يحدث ، عن يزيد بن عبد الله بن أسامة ابن الهاد:أن عبيد الله بن الحصين الوالبي حدثه أن هرمي بن عبد الله الواقفي حدثه:أن خزيمة بن ثابت الخطمي حدثه:أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يستحيي الله من الحق ، لا يستحيي الله من الحق ثلاثا لا تأتوا النساء في أعجازهن ".
ورواه النسائي ، وابن ماجه من طرق ، عن خزيمة بن ثابت . وفي إسناده اختلاف كثير .
حديث آخر:قال أبو عيسى الترمذي ، والنسائي:حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو خالد الأحمر ، عن الضحاك بن عثمان ، عن مخرمة بن سليمان ، عن كريب ، عن ابن عباس قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلا أو امرأة في الدبر ". ثم قال الترمذي:هذا حديث حسن غريب . وهكذا أخرجه ابن حبان في صحيحه . وصححه ابن حزم أيضا . ولكن رواه النسائي ، عن هناد ، عن وكيع ، عن الضحاك ، به موقوفا .
وقال عبد:أخبرنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر عن ابن طاوس ، عن أبيه:أن رجلا سأل ابن عباس عن إتيان المرأة في دبرها ، قال:تسألني عن الكفر ! [ إسناد صحيح] .
وكذا رواه النسائي ، من طريق ابن المبارك ، عن معمر به نحوه .
حديث آخر:قال الإمام أحمد:حدثنا عبد الصمد ، حدثنا همام ، حدثنا قتادة ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الذي يأتي امرأته في دبرها هي اللوطية الصغرى ".
وقال عبد الله بن أحمد:حدثني هدبة ، حدثنا همام ، قال:سئل قتادة عن الذي يأتي امرأته في دبرها . فقال قتادة:حدثنا عمرو بن شعيب ، عن أبيه عن جده:أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"هي اللوطية الصغرى ".
قال قتادة:وحدثني عقبة بن وساج ، عن أبي الدرداء قال:وهل يفعل ذلك إلا كافر ؟ .
وقد روى هذا الحديث يحيى بن سعيد القطان ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن أبي أيوب ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، قوله . وهذا أصح ، والله أعلم .
وكذلك رواه عبد بن حميد ، عن يزيد بن هارون ، عن حميد الأعرج ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو ، موقوفا من قوله .
طريق أخرى:قال جعفر الفريابي:حدثنا قتيبة ، حدثنا ابن لهيعة ، عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن عبد الله بن عمرو قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"سبعة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ، ويقول:ادخلوا النار مع الداخلين:الفاعل والمفعول به ، والناكح يده ، وناكح البهيمة ، وناكح المرأة في دبرها ، وجامع بين المرأة وابنتها ، والزاني بحليلة جاره ، والمؤذي جاره حتى يلعنه ".
ابن لهيعة وشيخه ضعيفان .
حديث آخر:قال الإمام أحمد:حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا سفيان ، عن عاصم ، عن عيسى بن حطان ، عن مسلم بن سلام ، عن علي بن طلق ، قال:نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تؤتى النساء في أدبارهن ; فإن الله لا يستحيي من الحق .
وأخرجه أحمد أيضا ، عن أبي معاوية ، وأبو عيسى الترمذي من طريق أبي معاوية أيضا ، عن عاصم الأحول [ به] وفيه زيادة ، وقال:هو حديث حسن .
ومن الناس من يورد هذا الحديث في مسند علي بن أبي طالب ، كما وقع في مسند الإمام أحمد بن حنبل والصحيح أنه علي بن طلق .
حديث آخر:قال الإمام أحمد:حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن الحارث بن مخلد ، عن أبي هريرة قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن الذي يأتي امرأته في دبرها لا ينظر الله إليه ".
وحدثنا عفان ، حدثنا وهيب ، حدثنا سهيل ، عن الحارث بن مخلد ، عن أبي هريرة قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا ينظر الله إلى رجل جامع امرأته في دبرها ".
وكذا رواه ابن ماجه من طريق سهيل .
وحدثنا وكيع ، حدثنا سفيان عن سهيل بن أبي صالح ، عن الحارث بن مخلد ، عن أبي هريرة قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ملعون من أتى امرأة في دبرها ".
وهكذا رواه أبو داود ، والنسائي من طريق وكيع ، به .
طريق أخرى:قال الحافظ أبو نعيم الأصبهاني:أخبرنا أحمد بن القاسم بن الريان ، حدثنا أبو عبد الرحمن النسائي ، حدثنا هناد ، ومحمد بن إسماعيل واللفظ له قالا:حدثنا وكيع ، حدثنا سفيان ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ملعون من أتى امرأة في دبرها ".
ليس هذا الحديث هكذا في سنن النسائي ، وإنما الذي فيه عن سهيل ، عن الحارث بن مخلد ، كما تقدم .
قال شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي:ورواية أحمد بن القاسم بن الريان هذا الحديث بهذا السند ، وهم منه ، وقد ضعفوه .
طريق أخرى:رواها مسلم بن خالد الزنجي ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى عليه وسلم قال:"ملعون من أتى النساء في أدبارهن ".
ومسلم بن خالد فيه كلام ، والله أعلم .
طريق أخرى:رواها الإمام أحمد ، وأهل السنن من حديث حماد بن سلمة ، عن حكيم الأثرم ، عن أبي تميمة الهجيمي ، عن أبي هريرة:أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من أتى حائضا أو امرأة في دبرها ، أو كاهنا فصدقه ، فقد كفر بما أنزل على محمد ".
وقال الترمذي:ضعف البخاري هذا الحديث . والذي قاله البخاري في حديث حكيم [ الأثرم] عن أبي تميمة:لا يتابع في حديثه .
طريق أخرى:قال النسائي:حدثنا عثمان بن عبد الله ، حدثنا سليمان بن عبد الرحمن من كتابه ، عن عبد الملك بن محمد الصنعاني ، عن سعيد بن عبد العزيز ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"استحيوا من الله حق الحياء ، لا تأتوا النساء في أدبارهن ".
تفرد به النسائي من هذا الوجه .
قال حمزة بن محمد الكناني الحافظ:هذا حديث منكر باطل من حديث الزهري ، ومن حديث أبي سلمة ومن حديث سعيد ; فإن كان عبد الملك سمعه من سعيد ، فإنما سمعه بعد الاختلاط ، وقد رواه الزهري عن أبي سلمة أنه كان ينهى عن ذلك ، فأما عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا . انتهى كلامه .
وقد أجاد وأحسن الانتقاد ; إلا أن عبد الملك [ بن محمد] الصنعاني لا يعرف أنه اختلط ، ولم يذكر ذلك أحد غير حمزة الكناني ، وهو ثقة ، ولكن تكلم فيه دحيم ، وأبو حاتم ، وابن حبان ، وقال:لا يجوز الاحتجاج به ، فالله أعلم . وقد تابعه زيد بن يحيى بن عبيد ، عن سعيد بن عبد العزيز . وروي من طريقين آخرين ، عن أبي سلمة . ولا يصح منها شيء .
طريق أخرى:قال النسائي:حدثنا إسحاق بن منصور ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان الثوري ، عن ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد ، عن أبي هريرة قال:إتيان الرجال النساء في أدبارهن كفر .
ثم رواه ، عن بندار ، عن عبد الرحمن ، به . قال:من أتى امرأة في دبرها ملك كفره . هكذا رواه النسائي ، من طريق الثوري ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن أبي هريرة موقوفا . وكذا رواه من طريق علي ابن بذيمة ، عن مجاهد ، عن أبي هريرة موقوفا . ورواه بكر بن خنيس ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من أتى شيئا من الرجال والنساء في الأدبار فقد كفر "والموقوف أصح ، وبكر بن خنيس ضعفه غير واحد من الأئمة ، وتركه آخرون .
حديث آخر:قال محمد بن أبان البلخي:حدثنا وكيع ، حدثنا زمعة بن صالح ، عن ابن طاوس ، عن أبيه وعن عمرو بن دينار ، عن عبد الله بن يزيد بن الهاد قالا قال عمر بن الخطاب:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن الله لا يستحيي من الحق ، لا تأتوا النساء في أدبارهن ".
وقد رواه النسائي:حدثنا سعيد بن يعقوب الطالقاني ، عن عثمان بن اليمان ، عن زمعة بن صالح ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، عن ابن الهاد ، عن عمر قال:"لا تأتوا النساء في أدبارهن ".
وحدثنا إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا يزيد بن أبي حكيم ، عن زمعة بن صالح ، عن عمرو بن دينار ، عن طاوس ، عن عبد الله بن الهاد الليثي قال:قال عمر رضي الله عنه:استحيوا من الله ، فإن الله لا يستحيي من الحق ، لا تأتوا النساء في أدبارهن . الموقوف أصح .
حديث آخر:قال الإمام أحمد:حدثنا غندر ومعاذ بن معاذ قالا:حدثنا شعبة عن عاصم الأحول ، عن عيسى بن حطان ، عن مسلم بن سلام ، عن طلق بن يزيد أو يزيد بن طلق عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن الله لا يستحيي من الحق ، لا تأتوا النساء في أستاههن ".
وكذا رواه غير واحد ، عن شعبة . ورواه عبد الرزاق ، عن معمر ، عن عاصم الأحول ، عن عيسى بن حطان ، عن مسلم بن سلام ، عن طلق بن علي ، والأشبه أنه علي بن طلق ، كما تقدم ، والله أعلم .
حديث آخر:قال أبو بكر الأثرم في سننه:حدثنا أبو مسلم الحرمي ، حدثنا أخي أنيس بن إبراهيم أن أباه إبراهيم بن عبد الرحمن بن القعقاع أخبره ، عن أبيه أبي القعقاع ، عن ابن مسعود ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"محاش النساء حرام ".
وقد رواه إسماعيل بن علية ، وسفيان الثوري ، وشعبة ، وغيرهم ، عن أبي عبد الله الشقري واسمه سلمة بن تمام:ثقة عن أبي القعقاع ، عن ابن مسعود موقوفا . وهو أصح .
طريق أخرى:قال ابن عدي:حدثنا أبو عبد الله المحاملي ، حدثنا سعيد بن يحيى الأموي ، حدثنا محمد بن حمزة ، عن زيد بن رفيع عن أبي عبيدة ، عن عبد الله قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تأتوا النساء في أعجازهن "محمد بن حمزة هو الجزري وشيخه ، فيهما مقال .
وقد روي من حديث أبي بن كعب والبراء بن عازب ، وعقبة بن عامر وأبي ذر ، وغيرهم . وفي كل منها مقال لا يصح معه الحديث ، والله أعلم .
وقال الثوري ، عن الصلت بن بهرام ، عن أبي المعتمر ، عن أبي جويرية قال:سأل رجل عليا عن إتيان امرأة في دبرها ، فقال:سفلت ، سفل الله بك ! ألم تسمع إلى قول الله عز وجل:( أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين ) [ الأعراف:80] .
وقد تقدم قول ابن مسعود ، وأبي الدرداء ، وأبي هريرة ، وابن عباس ، وعبد الله بن عمرو في تحريم ذلك ، وهو الثابت بلا شك عن عبد الله بن عمر ، رضي الله عنهما ، أنه يحرمه .
قال أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن الدارمي في مسنده:حدثنا عبد الله بن صالح ، حدثنا الليث ، عن الحارث بن يعقوب ، عن سعيد بن يسار أبي الحباب قال:قلت لابن عمر:ما تقول في الجواري ، أنحمض لهن ؟ قال:وما التحميض ؟ فذكر الدبر . فقال:وهل يفعل ذلك أحد من المسلمين ؟
وكذا رواه ابن وهب وقتيبة ، عن الليث ، به . وهذا إسناد صحيح ونص صريح منه بتحريم ذلك ، فكل ما ورد عنه مما يحتمل ويحتمل فهو مردود إلى هذا المحكم .
وقال ابن جرير:حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم ، حدثنا أبو زيد عبد الرحمن بن أحمد بن أبي الغمر حدثني عبد الرحمن بن القاسم ، عن مالك بن أنس أنه قيل له:يا أبا عبد الله ، إن الناس يروون عن سالم بن عبد الله أنه قال:كذب العبد ، أو العلج ، على أبي [ عبد الله] فقال مالك:أشهد على يزيد بن رومان أنه أخبرني ، عن سالم بن عبد الله ، عن ابن عمر مثل ما قال نافع . فقيل له:فإن الحارث بن يعقوب يروي عن أبي الحباب سعيد بن يسار:أنه سأل ابن عمر فقال له:يا أبا عبد الرحمن ، إنا نشتري الجواري أفنحمض لهن ؟ فقال:وما التحميض ؟ فذكر له الدبر . فقال ابن عمر:أف ! أف ! أيفعل ذلك مؤمن أو قال:مسلم . فقال مالك:أشهد على ربيعة لأخبرني عن أبي الحباب ، عن ابن عمر ، مثل ما قال نافع .
وروى النسائي ، عن الربيع بن سليمان ، عن أصبغ بن الفرج الفقيه ، حدثنا عبد الرحمن بن القاسم قال:قلت لمالك:إن عندنا بمصر الليث بن سعد يحدث عن الحارث بن يعقوب ، عن سعيد بن يسار ، قال:قلت لابن عمر:إنا نشتري الجواري ، فنحمض لهن ؟ قال:وما التحميض ؟ قلت:نأتيهن في أدبارهن . فقال:أف ! أف ! أو يعمل هذا مسلم ؟ فقال لي مالك:فأشهد على ربيعة لحدثني عن سعيد بن يسار أنه سأل ابن عمر ، فقال:لا بأس به .
وروى النسائي أيضا من طريق يزيد بن رومان ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر أن ابن عمر كان لا يرى بأسا أن يأتي الرجل المرأة في دبرها .
وروى معن بن عيسى ، عن مالك:أن ذلك حرام .
وقال أبو بكر بن زياد النيسابوري:حدثني إسماعيل بن حصين ، حدثني إسماعيل بن روح:سألت مالك بن أنس:ما تقول في إتيان النساء في أدبارهن:قال:ما أنتم قوم عرب . هل يكون الحرث إلا موضع الزرع ، لا تعدو الفرج .
قلت:يا أبا عبد الله ، إنهم يقولون:إنك تقول ذلك ؟ ! قال:يكذبون علي ، يكذبون علي .
فهذا هو الثابت عنه ، وهو قول أبي حنيفة ، والشافعي ، وأحمد بن حنبل وأصحابهم قاطبة . وهو قول سعيد بن المسيب ، وأبي سلمة ، وعكرمة ، وطاوس ، وعطاء ، وسعيد بن جبير ، وعروة بن الزبير ، ومجاهد بن جبر والحسن وغيرهم من السلف:أنهم أنكروا ذلك أشد الإنكار ، ومنهم من يطلق على فاعله الكفر ، وهو مذهب جمهور العلماء .
وقد حكي في هذا شيء عن بعض فقهاء المدينة ، حتى حكوه عن الإمام مالك ، وفي صحته عنه نظر .
[ وقد روى ابن جرير في كتاب النكاح له وجمعه عن يونس بن عبد الأحوص بن وهب إباحته] .
قال الطحاوي:روى أصبغ بن الفرج ، عن عبد الرحمن بن القاسم قال:ما أدركت أحدا أقتدي به في ديني يشك أنه حلال . يعني وطء المرأة في دبرها ، ثم قرأ:( نساؤكم حرث لكم ) ثم قال:فأي شيء أبين من هذا ؟ هذه حكاية الطحاوي .
وقد روى الحاكم ، والدارقطني ، والخطيب البغدادي ، عن الإمام مالك من طرق ما يقتضي إباحة ذلك . ولكن في الأسانيد ضعف شديد ، وقد استقصاها شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي في جزء جمعه في ذلك ، فالله أعلم .
وقال الطحاوي:حكى لنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أنه سمع الشافعي يقول:ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في تحليله ولا تحريمه شيء . والقياس أنه حلال . وقد روى ذلكأبو بكر الخطيب ، عن أبي سعيد الصيرفي ، عن أبي العباس الأصم ، سمعت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، سمعت الشافعي يقول . . . فذكر . قال أبو نصر الصباغ:كان الربيع يحلف بالله الذي لا إله إلا هو:لقد كذب يعني ابن عبد الحكم على الشافعي في ذلك فإن الشافعي نص على تحريمه في ستة كتب من كتبه ، والله أعلم .
وقال القرطبي في تفسيره:وممن ينسب إليه هذا القول وهو إباحة وطء المرأة في دبرها سعيد بن المسيب ونافع وابن عمر ومحمد بن كعب القرظي وعبد الملك بن الماجشون . وهذا القول في العتبية . وحكى ذلك عن مالك في كتاب له أسماه كتاب السر ، وحذاق أصحاب مالك ومشايخهم ينكرون ذلك الكتاب ، ومالك أجل من أن يكون له كتاب السر ووقع هذا القول في العتبية ، وذكر ابن العربي أن ابن شعبان أسند هذا القول إلى زمرة كبيرة من الصحابة والتابعين وإلى مالك من رواية كثيرة من كتاب جماع النسوان وأحكام القرآن هذا لفظه قال:وحكى الكيا الهراسي الطبري عن محمد بن كعب القرظي أنه استدل على جواز ذلك بقوله:( أتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون ) الشعراء:[ 165 ، 166] .
يعني مثله من المباح ثم رده بأن المراد بذلك من خلق الله لهم من فروج النساء لا أدبارهن . قلت:وهذا هو الصواب وما قاله القرظي إن كان صحيحا إليه فخطأ . وقد صنف الناس في هذه المسألة مصنفات منهم أبو العباس القرطبي وسمى كتابه إظهار إدبار من أجاز الوطء في الأدبار .
وقوله تعالى:( وقدموا لأنفسكم ) أي:من فعل الطاعات ، مع امتثال ما نهاكم عنه من ترك المحرمات ; ولهذا قال:( واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه ) أي:فيحاسبكم على أعمالكم جميعا .
( وبشر المؤمنين ) أي:المطيعين لله فيما أمرهم ، التاركين ما عنه زجرهم .
وقال ابن جرير:حدثنا القاسم ، حدثنا حسين ، حدثني محمد بن كثير ، عن عبد الله بن واقد ، عن عطاء قال:أراه عن ابن عباس:( وقدموا لأنفسكم ) قال:يقول:"باسم الله "، التسمية عند الجماع .
وقد ثبت في صحيح البخاري ، عن ابن عباس قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لو أن أحدهم إذا أراد أن يأتي أهله قال:باسم الله ، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ، فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره الشيطان أبدا ".