القول في تأويل قوله:أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلا
قال أبو جعفر:يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم:قل لهؤلاء العادلين بالله الأوثان والأصنام, القائلين لك:"كفَّ عن آلهتنا، ونكف عن إلهك ":إن الله قد حكم عليّ بذكر آلهتكم بما يكون صدًّا عن عبادتها=(أفغير الله أبتغي حكمًا)، أي:قل:فليس لي أن أتعدَّى حكمه وأتجاوزه, لأنه لا حَكَم أعدل منه، ولا قائل أصدق منه (17) =(وهو الذي أنـزل إليكم الكتاب مفصلا) يعني القرآن="مفصَّلا ",يعني:مبينًا فيه الحكم فيما تختصمون فيه من أمري وأمركم .
* * *
وقد بينا معنى:"التفصيل "، فيما مضى قبل . (18)
القول في تأويل قوله:وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (114)
قال أبو جعفر:يقول تعالى ذكره:إن أنكر هؤلاء العادلون بالله الأوثان من قومك توحيدَ الله, وأشركوا معه الأندادَ, وجحدوا ما أنـزلته إليك, وأنكروا أن يكون حقًا وكذَّبوا به = فالذين آتيناهم الكتاب ، وهو التوراة والإنجيل ، من بني إسرائيل=(يعلمون أنه منـزل من ربّك)، يعني:القرآن وما فيه =(بالحق) يقول:فصلا بين أهل الحق والباطل, يدلُّ على صدق الصادق في علم الله, (19) وكذبِ الكاذب المفتري عليه =(فلا تكونن من الممترين)، يقول:فلا تكونن، يا محمد، من الشاكين في حقيقة الأنباء التي جاءتك من الله في هذا الكتاب، وغيرِ ذلك مما تضمنه، لأن الذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنَّه منـزل من ربك بالحق .
* * *
وقد بيَّنا فيما مضى ما وجه قوله:(فلا تكونن من الممترين)، بما أغنى عن إعادته، مع الرواية المروية فيه ، (20) وقد:
13788- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع قوله:(فلا تكونن من الممترين)، يقول:لا تكونن في شك مما قصَصنا عليك .
---------------------
الهوامش:
(17) انظر تفسير (( الحكم )) فيما سلف من فهارس اللغة ( حكم ) .
(18) انظر تفسير (( التفصيل )) فيما سلف 11:394 .
(19) في المطبوعة:(( الصادق في علم الله )) ، وفي المخطوطة:(( الصادق علم الله )) ، والصواب ما أثبت .
(20) انظر تفسير (( الأمتراء )) فيما سلف 3:190 - 192 / 6:472 ، 473 / 11:260