المفردات:
أبتغي: أطلب .
حكما: حاكما يفصل بيني وبينكم .
مفصلا: مبينا .
الممترين: الشاكين .
التفسير:
114- أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا ...الآية .
روى أن مشركي مكة قالوا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ،اجعل بيننا حكما من أحبار اليهود ،أو من أساقفة النصارى ،ليخبرنا عنك بما في كتابهم من أمرك فنزل قوله تعالى:
أفغير الله أبتغي حكما ( 2 ) ... الآية .
والمعنى: قل لهم يا محمد: أيصح غير الله حكما يفصل بيني وبينكم ،فيظهر باطلكم ،الذي اعتمدتم فيه على زخارف الشياطين ،ويبين الحق الذي جئت به مؤيدا بالبراهين ،وهو سبحانه الذي أنزل إليكم القرآن مفصلا ومبينا فيه الحق والباطل ..ولا حكم خير منه ؟!!!
والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق .
أي: والذين آتيناهم الكتاب ،أي: التوراة والإنجيل ،من اليهود والنصارى ،يعلمون علم اليقين ،أن هذا القرآن منزل عليك من ربك بالحق ؛لأنهم يجدون في كتبهم البشارات التي تبشر بك ،ولأن هذا القرآن الذي أنزله الله عليك ،مصدق لكتبهم ومهيمن عليها .
فلا تكونن من الممترين .أي: من الشاكين ؛لأن عدم اعتراف بعضهم بذلك ،مرده إلى الحسد والجحود ،وهذا النهي إنما هو زيادة في التوكيد ،وتثبيت اليقين .
قال ابن كثير: وهذا كقوله تعالى: فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين .( يونس: 94 ) .
قال: وهذا شرط والشرط لا يقتضي وقوعه ،ولهذا جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ( لا أشك ولا أسأل ) ( 3 ) .
وقيل: الخطاب هنا لكل أحد ،على معنى: أن الأدلة على كون القرآن منزلا بالحق من الله سبحانه وتعالى ،قد بلغت من الوضوح والقوة ،بحيث لا تترك مجالا للافتراء والشك فيها من أحد من العقلاء .
فكأنه يقول: فلا تكن – أيها العاقل – من المتشككين ،في كون القرآن منزل في ربك بالحق ،وأنه هو الحكم بين الرسول وبين الكافرين .
وقيل: الخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والمقصود أمته ؛لأنه - صلى الله عليه وآله وسلم – حاشاه من الشك .