التّفسير
هذه الآية في الواقع هي نتيجة الآيات السابقة ،إِذ تقول: بعد كل تلك الأدلة والآيات الواضحة التي تؤكّد التوحيد: ( أفغير الله ابتغي حكماً ){[1287]} ؟وهو الذي أنزل هذا الكتاب السماوي العظيم الذي فيه كل احتياجات الإِنسان التربوية ،وما يميز بين الحق والباطل والنّور والظلمة ،والكفر والإِيمان: ( وهو الذي أنزل إِليكم الكتاب مفصلا ) .
وليس الرّسول والمسلمون وحدهم يعلمون أنّ هذا الكتاب قد نزل من الله ،بل إِنّ أهل الكتاب ( اليهود والنصارى ) يعلمون ذلك أيضاً ،لأنّ علائم هذا الكتاب السماوي قرؤوها في كتبهم ويعلمون أنّه نزل من الله بالحق: ( والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنّه منزل من ربّك بالحق ) .
وعلى ذلك لم يبق مجال للشك فيه ،وكذلك أنت أيّها النّبي لا تشك فيه أبداً ،( فلا تكونن من الممترين ) .
هنا يبرز هذا السؤال: هل كان النّبي( صلى الله عليه وآله وسلم ) يداخله أدنى شك ليخاطب بمثل هذا القول ؟
والجواب: هو ما سبق أن قلناه في مثل هذه الحالات ،وهو أن المخاطب في الحقيقة هم الناس ،وما مخاطبة النّبي مباشرة إِلاّ لتوكيد الموضوع وترسيخه ،وليكون التحذير للناس أقوى وأبلغ .