قوله تعالى : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ الله لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَاماً وحَلالاً قُلْ آلله أَذِنَ لَكُمْ } الآية . ربما احتج بعض الأغبياء من نُفَاةِ القياس بهذه الآية في إبطاله ؛ لأنه زعم أن القائِسَ يحرم بقياسه ويحلّ . وهذا جهل من قائله ؛ لأن القياس دليل الله تعالى كما أن حجة العقل دليل الله تعالى وكالنصوص والسنن كل هذه دلائل الله تعالى ، فالقائس إنما يتّبع موضع الدلالة على الحكم فيكون الله هو المحلّل والمحرم بنَصْبه الدليل عليه ، فإن خالف في أن القياس دليل الله عز وجل فليكن كلامه معنا في إثباته ، فإذا ثبت ذلك سقط سؤاله ، وإن لم يقم الدليل على إثباته فقد اكتفى في إيجاب بطلانه بعدم دلالة صحته ، فلا يعتقد أحد صحة القياس إلا وهو يرى أنه دليل الله تعالى ، وقد قامت بصحته ضروب من الشواهد ولا تعلُّق للآية في نفي القياس ولا إثباته .
وربما احتجّوا أيضاً في نفيه بقوله تعالى : { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } [ الحشر : 7 ] ، وهذا شبيه بما قبله ؛ لأن القائسين يقولون القول بالقياس مما آتانا الرسول به وأقام الله الحجة عليه من دلائل الكتاب والسنة وإجماع الأمة ، فليس لهذه الآية تعلق بنفي القياس .