قوله تعالى : { وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا } . قال سعيد : " أُمروا بالطاعة فعَصَوْا " . وعن عبدالله قال : " كنا نقول للحيّ إذا كثروا في الجاهلية قد أمِرَ بنو فلان " . وعن لحسن وابن سيرين وأبي العالية وعكرمة ومجاهد : { أَمَرْنَا } " أكثرنا " . ومعناه على هذا أنا إذا كان في معلومنا إهلاك قرية أكثرنا مُتْرَفيها ، وليس المعنى وجود الإرادة منه لإهلاكهم قبل المعصية ؛ لأن الإهلاك عقوبة والله تعالى لا يجوز أن يعاقب من لم يَعْصِ ، وهو كقوله تعالى : { جِداراً يريد أن ينقض } [ الكهف : 77 ] ليس المعنى وجود الإرادة منه وإنما هو أنه في المعلوم أنه سينقضّ . وخَصَّ المترفين بالذكر لأنهم الرؤساء ومَنْ عداهم تَبَعٌ لهم ، وكما أَمَرَ فرعونَ وقومه تبع لهم ، وكما كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى قيصر : " أسْلِمْ وإِلاّ فَعَلَيْكَ إِثْمُ الأَريسِيِّينَ " وكتب إلى كسرى : " فإِنْ لَمْ تُسْلِمْ فَعَلَيْكَ إِثْمُ الأَكَّارِينَ " .