قوله تعالى : { وَالقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاَّتي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً } الآية . قال ابن مسعود ومجاهد : " والقواعد اللاتي لا يرجون نكاحاً هنَّ اللاتي لا يُرِدْنَهُ ، وثيابهن جلابيبهنّ " . وقال إبراهيم وابن جبير : " الرداء " . وقال الحسن : " الجلباب والمِنْطَقُ " . وعن جابر بن زيد : " يضعن الخمار والرداء " .
قال أبو بكر : لا خلاف في أن شعر العجوزة عَوْرَةٌ لا يجوز للأجنبي النظر إليه كشعر الشابة ، وأنها إن صلّت مكشوفة الرأس كانت كالشابة في فساد صلاتها ، فغير جائز أن يكون المراد وضع الخمار بحضرة الأجنبي .
فإن قيل : إنما أباح الله تعالى لها بهذه الآية أن تضع خِمَارَها في الخُلْوةِ بحيث لا يراها أحد . قيل له : فإذاً لا معنى لتخصيص القواعد بذلك ، إذ كان للشابة أن تفعل ذلك في خلوة ، وفي ذلك دليل على أنه إنما أباح للعجوز وضع ردائها بين يدي الرجال بعد أن تكون مغطاة الرأس ، وأباح لها بذلك كَشْفَ وجهها ويدها لأنها لا تُشْتَهَى ؛ وقال تعالى : { وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ } ، فأباح لها وضع الجلباب ، وأخبر أن الاستعفاف بأن لا تضع ثيابها أيضاً بين يدي الرجال خير لها .