قوله تعالى : { وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ المَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً } ، يجوز أن يريد به الماء الذي خلق منه أصل الحيوان في قوله : { وجعلنا من الماء كل شيء حي } [ الأنبياء : 30 ] وقوله : { والله خلق كل دابة من ماء } [ النور : 45 ] ، ويجوز أن يريد به النطفة التي خلق منها ولد آدم . وقوله : { فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً } قال طاوس : " الرضاعة من الصهر " .
وقال الضحاك رواية : " النسب الرضاع والصهر الخُتُونة " .
وقال الفراء : " النسب الذي لا يحلّ نكاحه والصهر النسب الذي يحلّ نكاحه كبنات العم " .
وقيل : " إن النسب ما رجع إلى ولادة قريبة والصهر خلطة تشبه القرابة " . وقال الضحاك : " النسب سبعة أصناف ذُكروا في قوله : { حرمت عليكم أمهاتكم } [ النساء : 23 ] إلى قوله : { وبنات الأخت } [ النساء : 23 ] ، والصهر خمسة أصناف ذُكروا في قوله : { وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم } [ النساء : 23 ] إلى قوله : { وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم } [ النساء : 23 ] " .
قال أبو بكر : والتعارف في الأصهار أنهم كل ذي رَحِمٍ محرم من نساء من أضيف إليه ذلك ؛ ولذلك قال أصحابنا فيمن أوصى لأصهار فلان أنه لكل ذي رحم محرم لنساء فلان ، وهو المتعارف من مفهوم كلام الناس ، قال : والأَخْتَانُ أزواج البنات وكل ذات محرم من المضاف إليه الخَتَن ، وكل ذي رحم محرم من الأزواج أيضاً ؛ وقد يستعمل الصهر في موضع الخَتَنِ فيُسَمُّون الخَتَنَ صهراً ، قال الشاعر :
* سَمَّيْتُها إِذْ وُلِدَتْ تَمُوتُ * والقَبْرُ صِهْرٌ ضَامِنٌ زَمِيتُ *
فأقام الصهر مقام الختن ، وهو محمول على المتعارف من ذلك