قوله تعالى : { وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ } الآية . قال مجاهد : " كان ناس من أهل الكتاب أسلموا ، فآذاهم المشركون فصفحوا عنهم ، يقولون سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين " .
قال أبو بكر : هذا سلام مُتَارَكَةٍ وليس بتحية ، وهو نحو قوله : { وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً } [ الفرقان : 63 ] ، وقوله : { واهجرني مليّاً } [ مريم : 46 ] ، وقال إبراهيم : { سلام عليك سأستغفر لك ربي } [ مريم : 47 ] .
ومن الناس من يظنّ أن هذا يجوز على جواز ابتداء الكافر بالسلام . وليس كذلك ، لما وصفنا من أن السلام ينصرف على معنيين ، أحدهما : المسالمة التي هي المتاركة ، والثاني : التحية التي هي دعاء بالسلامة والأمن ، نحو تسليم المسلمين بعضهم على بعض ، وقوله صلى الله عليه وسلم : " للْمُؤْمِنِ عَلَى المُؤْمِنِ سِتٌّ أَحَدُهَا أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِ إِذَا لَقِيَهُ " ، وقوله تعالى : { وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها } [ النساء : 86 ] ، وقوله : { تحيتهم فيها سلام } [ إبراهيم : 23 ] .
وقد رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الكفار : " لا تَبْدَأُوهُمْ بالسَّلامِ " و " إِنَّهُ إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الكِتَابِ فَقُولُوا وعَلَيْكُمْ " .