قوله تعالى : { وَقَرْنَ في بُيُوتِكُنَّ } ، روى هشام عن محمد بن سيرين قال : قيل لسودة بنت زمعة : ألا تخرجين كما تخرج أخواتك ؟ قالت : والله لقد حججت واعتمرت ثم أمرني الله أن أقَرَّ في بيتي ، فوالله لا أخرج ! فما خرجت حتى أخرجوا جنازتها .
وقيل إن معنى : { وَقَرْنَ في بُيُوتِكُنَّ } كنَّ أهل وقار وهدوء وسكينة ، يقال : وَقَرَ فلان في منزله يَقِرُ وُقُوراً إذا هدأ فيه واطمأن به .
وفيه الدلالة على أن النساء مأموراتٌ بلزوم البيوت منهياتٌ عن الخروج .
وقوله تعالى : { وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى } . روى ابن أبي نجيح عن مجاهد : { ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى } قال : " كانت المرأة تتمشى بين أيدي القوم فذلك تبرج الجاهلية " .
وقال سعيد عن قتادة : { وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى } : " يعني إذا خرجتن من بيوتكن " قال : " كانت لهن مشية وتكسُّرٌ وتغنّج فنهاهن الله عن ذلك " . وقيل : " هو إظهار المحاسن للرجال " . وقيل : " في الجاهلية الأولى ما قبل الإسلام ، والجاهلية الثانية حالُ من عمل في الإسلام بعمل أولئك " .
فهذه الأمور كلها مما أدَّب الله تعالى به نساء النبي صلى الله عليه وسلم صيانة لهن ، وسائر نساء المؤمنين مرادات بها .
قوله تعالى : { إِنّما يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ } ؛ رُوي عن أبي سعيد الخدري أنها نزلت في عليّ وفاطمة والحسن والحسين . وقال عكرمة : " في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة " ، ومن قال بذلك يحتجّ بأن ابتداء الآية ونسقها في ذكر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، ألا ترى إلى قوله : { وَاذْكُرْنَ ما يُتْلَى في بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ الله والحِكْمَةِ } ؟ وقال بعضهم : " في أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي أزواجه لاحتمال اللفظ للجميع " .