قوله تعالى في هذا الموضع : { وأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله } ليس بتكرار لما تقدم من مثله ، لأنهما نزلا في شيئين مختلفين : أحدهما في شأن الرجم ، والآخر في التسوية بين الديات حين تحاكموا إليه في الأمرين .
قوله تعالى : { وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ الله إِلَيْكَ } قال ابن عباس : " أراد أنهم يفتنونه بإضلالهم إياه عما أنزل الله إلى ما يهوون من الأحكام ، إطماعاً منهم له في الدخول في الإسلام " . وقال غيره : " إضلالهم بالكذب على التوراة بما ليس فيها ، فقد بيّن الله تعالى حكمه " .
قوله تعالى : { فَإنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللهُ أنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ } ذكر البَعْضَ والمرادُ الجميع ، كما يذكر لفظ العموم والمراد الخصوص ، وكما قال : { يا أيها النبي } والمراد جميع المسلمين بقوله : { إذا طلقتم النساء } [ الطلاق : 1 ] . وفيه أن المراد الإخبار عن تغليظ العقاب في أن بعض ما يستحقونه به يهلكهم . وقيل : " أراد تعجيل البعض بتمردهم وعتوّهم " . وقال الحسن : " أراد ما عجّله من إجلاء بني النضير وقَتْلِ بني قريظة " .