قوله تعالى : { وأَطِيعُوا الله ورَسُولَهُ ولا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ } أمر الله تعالى في هذه الآية بطاعته وطاعة رسوله ونَهَى بها عن الاختلاف والتنازع وأخبر أن الاختلاف والتنازع يؤدي إلى الفشل وهو ضعف القلب من فزع يلحقه ، وأمر في آية أخرى بطاعة ولاة الأمر لنفي الاختلاف والتنازع المؤدّيين إلى الفشل في قوله : { أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأُولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول } [ النساء : 59 ] ، وقال في آية أخرى : { وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ في الأَمْرِ } ، فأخبر تعالى أنه أراهم في منامهم قليلاً لئلا يتنازعوا إذا رأوهم كثيراً فيفشلوا . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ولَنْ يُغْلَبَ اثني عَشَرَ أَلْفاً مِنْ قِلَّةٍ إِذَا اجْتَمَعَتْ كَلِمَتُهُمْ " . فتضمنت هذه الآيات كلها النهي عن الاختلاف والتنازع ، وأخبر أن ذلك يؤدي إلى الفشل وإلى ذهاب الدولة بقوله : { وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ } . وقيل إن المعنى ريح النصر التي يبعثها الله مع من ينصره على من يخذله . ورُوي ذلك عن قتادة . وقال أبو عبيدة : " تذهب دولتكم ، من قولهم : ذهبت ريحه أي ذهبت دولته " .