{ وإنِّي خِفتُ المَوالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرِأَتي عَاقِراً فَهَبْ لي مِن لَدُنْكَ وَلِيّاً } ، الآية :[ 5 ] :
يدل على أن رفع الحاجة إليه ، إنما يستحب عند مخافة الضرر في الدين ، فإنه خاف من أقاربه الفساد والشر ، فطلب من الله تعالى ولداً يقوم بالدين بعده ، فيرثه النبوة ، ويرث من آل يعقوب ، ولا يجوز أن يهتم بالدعاء هذا الاهتمام ، ومراده أن يورثه المال ، فإن ذلك مباين لطريقة الأنبياء ، ولأنه جمع وراثته إلى وراثة آل يعقوب ، ومعلوم أن ولد زكريا لا يرثهم .
فإن قيل : كيف أقدم على مسألة ما يخرق العادة من غير إذن ! ؟ الجواب : أن ذلك جائز ، في زمان الأنبياء ، وفي القرآن ما كشف عن هذا المعنى ، فإنه قال تعالى : { كُلمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيّا المِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أنّى لكِ هذا قَالَتْ : هوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ{[1521]} } ، فلما رأى خارق العادة استحكم طعمه في إجابة دعوته ، فقال تعالى : { هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيّا رَبّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيةً طَيِّبةً{[1522]} } .