قوله تعالى : { والمَسْجِدِ الحَرامِ الّذي جَعَلْنَاهُ لِلنّاسِ سَواءً العَاكِفُ فيهِ والبَادِ } ، الآية :[ 25 ] :
احتج به قوم على منع بيع دور مكة ، فإنها مخلاة للساكنين ، لا يتخصص سكانها بها ، وهذا في غاية البعد ، ولا شك أن أبنيتها لملاكها لا يزاحمون فيها دون إذنهم ، إلا ما كان وقفاً على الصادر والوارد ، وأكثر دور مكة كذلك{[1532]} .
وقوله تعالى : { سواءً العاكفُ فيهِ والبَادِ } ، الآية :[ 25 ] : يظهر حمله على المسجد الذي لا يتخصص به قوم عن قوم ، وأنه يشترك في الانتفاع به قعوداً وصلاة كافة الناس .
وذكر إسماعيل به اسحاق عن علقمة بن فضلة قال : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبو بكر وعمر ، وما تدعى رباع مكة إلا السوائب ، من احتاج سكن ، ومن لم يحتج لم يسكن{[1533]} .
وروي أن عمر كان يمنع أن تغلق دور مكة في زمن الحج ، وكانوا ينزلون حيث وجدوا ، حتى كانوا يضربون الفسطاط في جوف الدور{[1534]} .
ونهى عمر أهل مكة أن يجعلوا لبيوتهم أبواباً{[1535]} ، وروي عن عمر أنه اشترى داراً بأربعة آلاف .
وبينا بعد قول من يقول لا اختصاص لأهل مكة بدورهم المعروفة بهم ، الموروثة عن آبائهم وأسلافهم ، وأن من شاء أزعجهم ، وما زالوا يتصرفون فيها هدماً وبناء وبيعاً وإجارة وإعارة من غير نكير ، ولعل عمر إنما فعل ذلك عند ازدحام الناس وضيق المنازل ، فأباح ذلك لا أنه أزال ملك الرباع ، وإلا فقد روي عنه أنه اشترى بها داراً بأربعة آلاف ، ولا يمكن الجمع بينهما إلا على هذا الوجه .
قوله تعالى : { وَمَنْ يُرِدْ فيهِ بِإلحَادٍ بظُلْمٍ } ، الآية : معنى الإلحاد من المتعارف : الميل إلى الكفر ، والظلم لفظ عام .
أبان الله تعالى أن الظلم فيه أعظم من الظلم فيما سواه .