قوله تعالى : { قُلْ لاَ أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إلي مُحَرَّماً } ، الآية :[ 145 ] :
احتج به كثير من السلف في إباحة ما عدا المذكور في هذه الآية .
فمنها لحوم الحمر الأهلية ، روى سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال : قلت لجابر بن زيد ، إنهم يزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لحوم الحمر الأهلية ، قال :
قد كان يقول ذلك الحكم بن عمرو الغفاري عندنا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ولكن أبى ذلك البحر يعني ابن عباس ، وقرأ : { قُلْ لا أَجِد فِيما أُوحيَ إليَّ مُحَرَّماً } . الآية .
وعن عائشة أنها كانت لا ترى بلحوم السباع والدم يكون في أعلى العروق بأساً ، وقد قرأت هذه الآية : { قُلْ لاَ أَجِدُ فِيمََا أُوحِيَ إليَّ مُحَرَّماً } الآية .
واعلم أن ظاهر الآية لا يمنع من تحريم غير المذكور ، إلا أنه لا يدل على أنه لا يحرم في الشرع الآن ، ويجوز أن يكون قد تجدد بعده .
وقد قيل : { قُلْ لا أَجِد فِيما أُوحيَ إليَّ مُحَرماً } ، مما كنتم تستبيحونه وتتناولونه ولا تعدونه من الخبائث إلا هذه الأمور ، وإلا فقد اشتمل القرآن على أشياء محرمة كالمنخنقة والموقوذة ، واشتمل الإجماع على تحريم أشياء كالقاذورات والخمر والآدمي ، والأشياء التي أوجب رسول الله صلى الله عليه وسلم قتلها ، وقد شرحنا ذلك في أصول الفقه ، إلا أن ظهور{[1298]} الآية ، لا يدفع قبل بيان التأويل ، وعليه بنى الشافعي تحليل كل مسكوت عنه أخذاً من هذه الآية ، إلا ما دل عليه الدليل .
وبالجملة ، الاتفاق على تحريم أشياء لا ذكر لها في الآية مع خصوص السبب الذي قاله المفسرون يقوي التأويل ويجوز قبول أخبار الآحاد فيه .