قوله تعالى : { ادعُوا رَبّكُم تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً{[1323]} } : ظاهرها الندب إلى إخفاء الدعاء ، فعلمنا ربنا كيف ندعوه ، وروى أبو موسى الأشعري قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعهم يرفعون أصواتهم فقال :
" أيها الناس إنكم لا تدعون أصمّاً ولا غائباً{[1324]} " ، وروى سعد بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " خير الذكر الخفي وخير الرزق ما يكفي{[1325]} " .
واستدل أصحاب أبي حنيفة بذلك ، على أن إخفاء آمين ، أولى من الجهر بها ، لأنها دعاء ، والدليل عليه ما روي في تأويل قوله تعالى : { قَدْ أُجِيبَت دَعوَتُكُما{[1326]} } ، قال : كان موسى يدعو وهارون يؤمن ، فسماهما الله تعالى داعيين .
والجواب عنه أن إخفاء الدعاء كان أفضل ، لأنه أبعد عن الرياء .
وأما ما يتعلق بصلاة الجماعة ، فإشهارها إشهار شعار ظاهر ، وإظهار حق يندب العباد إلى إظهاره ، وقد ندب الإمام إلى إشهار القراءة المشتملة على الدعاء ، والتأمين في آخرها ، معناه : حقِّق اللهم ما سألناك .
وإذا كان الدعاء مما سن الجهر فيه ، فالتأمين على الدعاء تابع له ، وجار مجراه ، وهذا بين .