قوله تعالى : { وأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُم مِنْ قَوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الخَيْلِ } ، الآية [ 60 ] :
هو الأمر بالاستعداد للعدو ، وبإعداد الكراع والسلاح قبل وقت القتال إرهاباً للعدو ، والتقدم في ارتباط الخيل استعداداً لقتال المشركين ، ومنه أخذ إعداد الأموال والخزائن لحاجة المسلمين إليها يوم القتال .
قوله تعالى : { وإنْ جَنَحُوا لِلسلمِ فاجْنَحْ لَهَا } ، الآية [ 61 ] : منسوخ بقوله تعالى : { فاقتُلُوا المُشرِكِينَ{[1357]} } ، و { وقَاتِلُوا الّذيِنَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِاليَوْمِ الآخِرِ }{[1358]} وهو الظاهر .
فإن سورة براءة ، آخر ما نزلت ، فكان العهد بين رسول الله والمشركين قبل ذلك ، وقد قال تعالى : { فَلاَ تَهِنُوا وَتَدْعُوا إلَى السّلمِ وأَنتُمُ الأَعلَوْنَ{[1359]} } ،
فنهى عن المسالمة عند القوة على قهر العدو وقتلهم ، ولذلك قال بعض أصحابنا : إذا قدر بعض أهل الثغور على قتال العدو لم يجز مسالمتهم ، قالوا : وإن قدروا بعد ذلك على قتالهم ، نبذوا إليهم على سواء إن توقعوا منهم غائلة ، وإن لم يمكنهم دفع العدو عن أنفسهم إلا بمال يبذلونه لهم ، جاز لهم ذلك ، لأن النبي عليه الصلاة والسلام قد كان صالح عيينة بن حصن وغيره يوم الأحزاب على نصف ثمار المدينة ، حتى إنه لما شاور الأنصار ، قالوا : هذا مما أمرك الله به أم الرأي والمكيدة{[1360]} ؟ فقال : لا بل هو رأي ، لأني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحد ، فأردت أن أدفعه عنكم إلى يوم ، فقال السعدان : سعد بن عبادة وسعد بن معاذ رضي الله عنهما : والله يا رسول الله إنهم لم يطعموا فيها منا إلا بشراء أو قراء ، ونحن كفار ، فكيف وقد أعزنا الله تعالى بالإسلام ، ولا نعطيهم إلا بالسيف ، وشقا الصحيفة .