قوله تعالى : { من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها } :
اختلف فيها هل هي محكمة أو منسوخة ؟ فذهب الأكثر إلى أنها محكمة وأنها عامة يراد بها الخصوص ، فيكون التقدير نوفي إليهم أعمالهم فيها إن شئنا ونحو ذلك {[9308]} وذهب جماعة إلى أنها منسوخة بقوله تعالى : { من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد } {[9309]} [ الإسراء : 18 ] والقول بالنسخ ضعيف جدا . فإن إرادة الله تعالى لا يخلو عنها شيء {[9310]} . واختلف فيمن هي الآية ، فقيل هي في الكفرة خاصة وليست على عمومها ، وهذا {[9311]} قول قتادة والضحاك . وقيل هي في الكفرة وأهل الرياء من المؤمنين ، وهو قول مجاهد ، وإليه ذهب معاوية حين حدثه سيافه شفي بن نافع الأصبحي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الرجل المتصدق والمجاهد والمقتول والقائم بالقرآن ليله ونهاره رياء أنهم أول من تسعر بهم النار يوم القيامة . فلما حدثه شفي بهذا{[9312]} بكى معاوية وقال : صدق الله ورسوله ، وتلا : { من كان يريد الحياة الدنيا } {[9313]} ومعنى هذه الآية راجع إلى قوله عليه الصلاة والسلام : " إنما الأعمال بالنيات " {[9314]} . ويدل ذلك على أن من صام رمضان لا ينوي به رمضان لن يجزي عنه . ويدل أيضا على أن من توضأ تبردا أو تنظفا لا يجزي أن يصلي به . وفي هذا كله اختلاف .