قوله تعالى : { وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه } :
يحتج بها من يرى الحكم من العلماء بالأمارات والعلامات {[9373]} فيما لا تحضره البينات كاللقطة {[9374]} واختلف في الوديعة والسرقة وشبههما هل تقبل فيها الصفة أم لا إذا جهل صاحبها ؟ ومن هذا النوع إرخاء الستر وشهادة الصبيان في الجراح وذلك دليل لا شهادة . ومن ذلك معاقد الحيطان والنظر إليها عند الاختلاف ، ووضع الخشب في الحائط ونحو ذلك .
ومن ذلك أن يكون عقد الدين بيد المدين {[9375]} محوا فيكون القول قوله إنه أدى الدين . ومن ذلك دعوى المرأة الاستكراه وهي متعلقة بالمدعى عليه ومراعاة التعلق به {[9376]} . ومن ذلك مسألة النائرة تقع بين القوم فيدعي بعضهم على بعض القتل {[9377]} أنه يصدق بسبب تقدم النائرة . ومن ذلك دفع شهادة الشهود العدول بنحو ذلك كالشاهدين على الهلال في الصحو قد اختلف في جواز شهادتهما ، وقال سحنون فيهما شاهدا سوء . ومن اختلاف الرجل وزوجته في متاع البيت ، وقول مالك أنه يحكم للرجل بما هو من لباسه وما كان للرجل والمرأة فهو للرجل {[9378]} . قال إسماعيل القاضي : والعمل بمثل هذا غير مخالف لقوله عليه الصلاة والسلام : " البينة على المدعي واليمين على من أنكر " {[9379]} لأنه لم يرد بذلك الحديث إلا الموضع الذي تمكن فيه البينة . قال : فإن قال قائل إن تلك الشريعة لا تلزمنا . قلنا كل ما أنزله الله تعالى علينا فإنما أنزله لفائدة فيه ومنفعة لنا وقال تعالى : { أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده } [ الأنعام : 90 ] فآيات يوسف مقتدى بها ، معمول عليها . وأنكر أبو الحسن العمل بالعلامات وقال : إنه اتفق على أنه لا يعمل ، في غير الزوجين إذا تنازعا في شيء بمثل ما عمل فيها ، قال : والأشبه في حديث يوسف أن ذلك كان آية من الله تعالى فليس في ذلك دلالة إلا من جهة خرق الله تعالى العادة في إنطاق الصبي في المهد . قال : وكان شريح وإياس يعملان على العلامات في الحكومات وأصل ذلك هذه الآية . ولعل ذلك فيما طريقه التهمة لا على سبيل بت الحكم ، لكن إذا ظهر مثل هذا من العلامة على الدعوى أقر المدعى عليه فحكم عليه بالإقرار {[9380]} . وقد اختلف في الشاهد ، فقيل كان ابن عم {[9381]} المرأة التي هم بها يوسف {[9382]} . وقيل رجل من خاصة الملك {[9383]} .
وقيل كان طفلا في المهد {[9384]} ويضعف هذا أن في البخاري ومسلم أنه لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة عيسى ابن مريم وصاحب جريج وابن السوداء التي دعت له أن يكون كالفاجر الخبيث {[9385]} وأسقط صاحب يوسف . وأسند الطبري إلى ابن عباس أنهم أربعة وزاد صاحب يوسف . وعنه أيضا أنهم خمسة وزاد فيهم ابن ماشطة فرعون {[9386]} . وذكر ابن فتحون {[9387]} في استدراكه عن ابن عبد البر ، مبارك اليمامة {[9388]} وذكر أنه أوتي به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ولد وقد لف في خرقة فقال من أنا ؟ فقال أنت رسول الله . فقال صدقت بارك الله فيك ، فسمي مبارك اليمامة ، فهم ستة . وقيل الشاهد القميص {[9389]} وهو أضعف الأقوال .