قوله تعالى : { تؤتي أكلها كل حين } :
اختلف المفسرون في الحين كم هو في هذه الآية . فقال ابن عباس وعكرمة وغيرهما {[9487]} سنة . وقال الحسن – وروي عن ابن عباس وعكرمة أيضا – ستة أشهر . وقال ابن المسيب شهران ، وقال الضحاك وغيره عن ابن عباس : كل حين أي غدوة وعشية ومتى أريد جناها . فمن راعى أن ثمر {[9488]} النخلة وجناها إنما يأتي على كل سنة قال بالقول الأول . ومن راعى وقت جذاذ النخل إلى حملها في الوقت المقبل قال بالقول الثاني . ومن راعى مدة في الجني في النخل قال بالقول الثالث . وأما القول الرابع فضعيف لأن الشجرة ليست أبدا تأتي أكلها غدوة وعشيا ، ومتى أريد جناها . وبحسب الاختلاف في مقدار الحين هنا اختلف فيمن حلف أن لا يكلم فلانا حينا . فذهب مالك وجماعة غيره إلى أنه لا يكلمه سنة ، واحتجوا بالآية . وذهب قوم إلى أنه لا يكلمه ستة أشهر وتأولوا الآية على مذهبهم وهو قول أبي حنيفة {[9489]} ، وذكر أنه قاله اتباعا لعكرمة . وقال قوم لا يكلمه شهرين . وتأولوها أيضا على مذهبهم . ويأتي على المذهب الرابع في تفسير الآية قول رابع وهو {[9490]} أن لا يكلمه يوما واحدا . وحكي عن سعيد بن المسيب أنه بلغه قول عكرمة في الحين أنه ستة أشهر ، فقال انتقرها عكرمة . فقيل إنه يحتمل المدح والذم . فعلى المدح يكون استخرجها واستنبط {[9491]} علمها من كتاب الله عز وجل ، وأصلها من النقر ، وهو البحث عن الشيء . والانتقار أيضا بمعنى الاختصاص . قال طرفة {[9492]} : ألا ترى الأديب فينا ينتقر . فكأنها {[9493]} على هذا التأويل اختص بها عكرمة وتفرد بعلمها ، وما أشبه ذلك من الكلام . وعلى الذم يكون المعنى أفتى بها من قبل {[9494]} نفسه واختص بقول فيها لم يتابع عليه أو نحو هذا من الكلام . وأصل الحين في لغة العرب المدة من الزمن {[9495]} غير معلومة . إلا أنه قد ينضاف {[9496]} إليها من الكلام ما يدل على تحديها كهذه الآية ونحوها . وقد قيل إن الحين الساعة ومنه قول النابغة{[9497]} : تطلقه حينا وحينا تراجع . والحين أيضا أربعون سنة . وأما الشافعي فرأى الحين لفظا مجملا لم يوضع لمعنى معين . وقال تعالى : { ليسجننه حتى حين } [ يوسف : 35 ] وعنى به ثلاثة عشرة سنة . وقال تعالى : { ولتعلمن نبأه بعد حين ( 88 ) } [ ص : 88 ] يعني يوم القيامة {[9498]} .