قوله تعالى : { ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن } إلى قوله : { مسئولا } :
قوله تعالى : { إلا بالتي هي أحسن } يريد بأن لا يأخذ الوصي منها شيئا أو يأخذ بالمعروف . وقال مجاهد {[9612]} التي هي أحسن التجارة . وخص اليتيم به لأنه إليه أحوج {[9613]} وقد مر الكلام على هذا المعنى في سورة النساء كاملا .
وقوله : { حتى يبلغ أشده } هي غاية لإمساك مال اليتيم عنه . ومعنى الأشد : قوة العقل وكمال التجربة وحسن النظر ، وذلك لا يكون إلا مع البلوغ . وذكر أبو الحسن عن الرازي أن إيناس الرشد عند بلوغ الأشد لا يعتبر ، ولو اعتبر في ذلك في الآية كما قال تعالى : { حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا } [ النساء : 6 ] وأنكر أبو الحسن ذلك وزعم أنه لا بد من اعتبار الرشد مع الأشد ، " والأشد في الآية البلوغ {[9614]} وقد مضى الكلام على هذا أيضا . واختلف في قوله تعالى : { ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده } هل هو منسوخ أو محكم ؟ فذهب قوم إلى أنه منسوخ . روي عن قتادة أنه قال : كانوا من هذا على جهد حتى نزل : { وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح } [ البقرة : 220 ] ، وهو صحيح . وذهب الأكثر إلى أنه محكم لا نسخ فيه لأن قوله تعالى : { إلا بالتي هي أحسن } يعطي المخالطة التي في الآية الأخرى . وهذا هو الصحيح .
وقوله تعالى : { وأوفوا بالعهد } ، { وأوفوا الكيل } { الإسراء : 35 } وقد مضى معنى {[9615]} هذا كله في ما تقدم .