قوله تعالى : { فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى } :
اختلف في المعنى الذي أمر له {[9705]} بخلع النعلين . فقيل لأنهما كانتا من جلد حمار غير ذكي . وقد روي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم {[9706]} . وقالت فرقة بل كانتا من جلد بقرة ذكي فأمر بخلعها لينال بركة الوادي المقدس بأن تمس التربة قدماه . وقيل بل أمره أن يتواضع لعظم الحال التي كان {[9707]} فيها ، والعرف عند الملوك أن تخلع النعال تواضعا {[9708]} فأمر موسى بذلك على هذا الوجه ولا يبالى كانت النعال من ذكي أو غيره . ويختلف في جواز دخول المساجد بالنعال . وظاهر الآية يدل على وجوب نزعها في المساجد . وهذا القول الثاني في تفسيرها . والحجة في جواز ذلك ما ثبت من أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في نعليه ويدخل بها مسجده والمسجد الحرام {[9709]} . وإذا قلنا إنهما كانتا من جلد حمار ميت فمعناه أنه كان غير مدبوغ على القول بأن دباغ الأديم طهوره على ما جاء عنه عليه الصلاة والسلام {[9710]} . ويحتمل أن يقال كان مدبوغا على القول بأن الدباغ لا يطهره أو على القول بأن ذلك في شريعة موسى عليه السلام على أنه لا يطهره الدباغ ونسخ في شريعتنا {[9711]} .
وفي اشتراط هذا القائل في جلد الحمار أنه من حمار ميت نظر لأن الحمار لا يجوز أكله في مشهور مذهب العلماء لما جاء من النهي عن ذلك {[9712]} . وإذا لم يجز أكله فهل تعمل الذكاة فيه أم لا ؟ فيه نظر . وقد اختلفوا في ذلك ، وإذا لم تعمل فيه الذكاة فهو ميتة ذكي أو لم يذك ، فلا معنى لذلك الشرط .