59 قوله تعالى : { يا أيها{[4304]} الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول } الآية :
اختلف في أولي الأمر ، فقيل : هم الأمراء . وقيل هم العلماء{[4305]} وقيل{[4306]} : أولو العلم بالقرآن . وقيل : أصحاب{[4307]} سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خاصة ، وقيل : هي{[4308]} إشارة إلى أبي بكر وعمر خاصة . وحكى بعض{[4309]} من قال : إنهما الأمراء ، إنها نزلت في أمراء{[4310]} رسول الله صلى الله عليه وسلم . وكان السبب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية فيها عمار بن ياسر وأميرها خالد بن الوليد ، فقصدوا قوما من العرب ، فأتاهم نذير ، فهربوا تحت الليل{[4311]} ، وجاء منهم رجل إلى عسكر خالد فدخل إلى عمار ، فقال : يا أبا اليقظان ! إن قومي قد{[4312]} فروا وإني أسلمت فإن كان إسلامي ينفعني وإلا فررت ، فقال له عمار : ينفعك ، فأقم ، فأقام{[4313]} فلما أصبحوا أغار خالد فلم يجد سوى الرجل المذكور ، فأخذه وأخذ ماله ، فجاء عمار فقال : خل عن الرجل فإنه قد أسلم وإنه في أمان مني . فقال خالد : وأنت تجير ، فاستبا وارتفعا إلى رسول الله صلى الله علي وسلم فأجاز أمان عمار ونهاه أن يجير الثانية على أمير . واستبا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال خالد : يا رسول الله ! أتترك هذا العبد الأجدع يسبني ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا خالد لا تسب عمارا ، فإنه من سب عمارا سبه الله ومن أبغض عمارا أبغضه الله{[4314]} ، ومن لعن عمارا لعنه الله " {[4315]} فغضب عمار فقام ، فذهب ، فتبعه خالد حتى اعتذر إليه فتراضيا فنزلت الآية .
و " طاعة الله " : اتباع أوامره واجتناب نواهيه{[4316]} . و " طاعة الرسول " : الرجوع إليه في حياته وإلى{[4317]} سنته بعد وفاته . ومعنى : { فردوه إلى الله والرسول } أي{[4318]} : إلى الكتاب والسنة .