28 قوله تعالى : { لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك } :
قيل : معناها لئن بدأتني بالقتل لم أبدأك به ، لأنه لم يدفعه عن نفسه إذا{[6170]} قصد قتله . وروي أنه قتله غيلة بأن{[6171]} ألقى عليه صخرة وهو نائم فشدخه بها{[6172]} . وقيل : كان من مذهبهم أن من أراد قتل غيره لم يكن للمقصود بالقتل دفعه بل يتركه ولا يدفعه عن نفسه{[6173]} إلا أن في شرعنا{[6174]} أنه يجوز دفعه{[6175]} إجماعا . واختلف في وجوبه ، والأصح وجوبه{[6176]} ، لما فيه من النهي عن المنكر . ومن الحشوية قوم لا يجيزون للمصول عليه{[6177]} الدفع . وتأولوا عليه قوله عليه الصلاة والسلام{[6178]} لأبي ذر : " كيف بك{[6179]} يا أبا ذر إذا كان في المدينة قتل{[6180]} " ؟ قال : قلت : ألبس سلاحي{[6181]} ، قال : " شاركت القوم إذا " ، قال : قلت : كيف أصنع يا رسول الله ؟ قال : " إذا خشيت أن ينهزك عين الشمس فألق ناحية ثوبك على وجهك لئلا تبوء بإثمه{[6182]} وإثمك{[6183]} " . والمراد بهذا الحديث عند المتأملين{[6184]} ترك القتال في الفتنة ، وكف اليد عن الشبهة . فأما من{[6185]} فعل{[6186]} ما{[6187]} استحق القتل فلا ولم يرد النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ، ولو جاز الإمساك عن ذلك لتعطل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، واستولى الظلم . وقد يحتمل أن يجاب عن هذا بأن يقال : إنما يصح ذلك إذا كان الأمر بالمعروف لا يؤدي{[6188]} إلى قتال وشهرة سلاح{[6189]} ، فأما إذا{[6190]} أذى إلى ذلك فلا ، ويفوض المقتول أمره إلى الله تعالى لأنه إذا{[6191]} أدى إلى ذلك خاف على نفسه فلم يجز له الدفع ، وهذا موضع نظر واحتمال لترديد{[6192]} القول .