– وقوله تعالى : { وفي أموالهم حق للسائل والمحروم ( 19 ) } :
اختلف في هذه الآية هل هي منسوخة أو محكمة ؟ فذهب قوم إلى أنها موجبة في المال شيئا غير الزكاة . وذهب قوم إلى أن ذلك منسوخ بالزكاة المفروضة . وهذا ضعيف لأنه تعالى لم يشرع بمكة قبل الهجرة شيئا في الأموال . وقيل هي محكمة{[10591]} . واختلف الذاهبون إلى ذلك . فقال منذر بن سعيد {[10592]} هي الزكاة المفروضة . وهذا ضعيف لأن السورة مكية ولم تفرض الزكاة إلا بالمدينة . وقيل هي شيء غير الزكاة لكن ذلك على وجه الندب لا على الإيجاب . وهذا أحسن الأقوال . واختلف في المحروم ، قيل هو المحارب الذي ليس له في الإسلام سهم مال فهو ذو الحرفة ، وهو قول ابن عباس . وقيل الذي ليس له مال وهذا أيضا يروى عن ابن عباس . وقد قال أبو قلابة : جاء سائل باليمامة فذهب بمال رجل . فقال رجل من أصحاب محمد هذا المحروم . وقيل هو الذي أجيحت ثمرته ، قاله ابن زيد . وقيل هو الذي ماتت ماشيته . وقيل الذي لا يسأل الناس ، قاله محمد بن الحنفية . وقيل هو الذي لا ينمو له شيء ، قاله عكرمة . وقيل المحروم الفقير الذي يخرج في الناس وهو متعفف وروي أيضا عن ابن عباس . وقيل المحروم الكلب ، قاله عمر بن عبد العزيز . وهذه الأقوال كلها ترجع إلى معنى واحد من العدم والاحتياج . وبعض الناس يسوقونها على أنها اختلاف وليس بصحيح . وإنما ساق العلماء كل قول من ذلك على جهة المثال للمعنى العام المراد بالآية {[10593]} .