52 - قوله تعالى : { ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه } إلى قوله تعالى{[8067]} : { فتكون من الظالمين } :
المراد بالدعاء هنا{[8068]} اختلف فيه : فقيل : الصلوات الخمس . وقيل : الدعاء . وقيل {[8069]} : ذكر الله ، واللفظ على وجهه . وقيل : الاجتماع إليهم غدوة{[8070]} وعشيا . وقيل : هو قراءة القرآن وتعلمه . وقيل : هو العبادة{[8071]} . وقوله : { بالغداة والعشي } اختلف فيه . فقيل : هو {[8072]} عبارة عن استمرار الفعل وأن الزمن معمور به كما تقول : الحمد لله{[8073]} . ويحتمل أن يريد بهما الوقتين المخصوصين{[8074]} ، ولأجل هذا قال بعضهم : المراد بالغداة والعشي منها صلاة مكة التي كانت مرتين في اليوم بكرة وعشيا{[8075]} .
وسبب الآية ما كان من أشراف قريش من قولهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم : لو أزلت عنك الضعفاء وطردتهم لاتبعناك{[8076]} . وقد يؤخذ من هذه الآية{[8077]} ألا يمنع من يريد أن يذكر الناس بالله وبأمور الآخرة سواء كان في جامع أو صومعة أو طريق ونحو ذلك . وقد اختلف المتأخرون في المؤذن يؤذن بالأسحار ويبتهل بالدعاء ويردد ذلك إلى أن يصبح فشكاه الجيران . هل يمنع أم لا ؟
فذهب جماعة إلى أنه يمنع ، واحتجوا بحديث تميم الداري{[8078]} إذ قال لعمر : دعني أدعو الله تعالى وأقص وأذكر الله . فقال عمر : لا . فأعاد عليه . فقال : لا . أنت تريد أن يقال : هذا تميم الداري فاعرفوني . وقد قال مالك{[8079]} : القصص بدعة . ومن حجتهم أيضا حديث سعيد بن المسيب{[8080]} إذ قال لبرد{[8081]} مولاه : اطرد عني هذا القارئ يعني عمر بن عبد العزيز{[8082]} وذهب جماعة إلى أنه لا يمنع . واحتجوا أنه كان بالبصرة عروة بن أذينة يقوم الليل يصيح في الطريق ويخوفهم بقول الله تعالى : { أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون ( 97 ) } {[8083]} [ الأعراف : 97 ] الآيات ، وبما جاء من أن الناس بالمدينة كانوا يتواعدون عند خروجهم لأسفارهم لقيام القرآن وكانوا يقرؤون بالأسحار فتسمع أصواتهم من كل منزل . واحتج بعضهم{[8084]} أيضا بالآية التي نحن فيها : { ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي } الآية .