– قوله تعالى : { لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين } إلى قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات }تضمنت هذه الآية قوله : { لا ينهاكم الله } إلى قوله { وتقسطوا إليهم } إباحة مهادنة من لم يقاتل وبرهم . واختلف فيها على ذلك هل هي منسوخة أم لا ؟ {[10687]} فذهب قوم إلى أنها منسوخة بآية القتال ، واختلفوا فيمن كان المشار إليهم في الآية من الكفار . فقال قوم : أراد من كان من كفار قريش لم يقاتل ولا أخرج ولا أظهر سوء ، وعلى هذا يأتي قول الهمداني {[10688]} إنها نزلت في قوم من بني هاشم ، منهم العباس . وقال أبو صالح {[10689]} والحسن {[10690]} أراد خزاعة وبني الحارث بن كعب وقبائل من العرب كفارا إلا أنهم كانوا مظاهرين للنبي صلى الله عليه وسلم محبين فيه وفي ظهوره منهم كنانة و بنو الحرث بن عبد مناف ومزينة . كذا ساق بعضهم هذا القول على أن الآية منسوخة . وساقه مكي على أنها محكمة إلا أنه قال : وكان بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم عهد . وهذا حسن . وفي الآية على هذا القول دليل على جواز الصدقة على أهل الذمة دون أهل الحرب ووجوب النفقة للأبوين الكافرين ، فأما الأب الحربي فيجب قتله . وذهب قوم إلى أنها محكمة واختلفوا فيمن المشار إليه بالآية ، فقيل هم المؤمنون من أهل مكة الذين آمنوا ولم يهاجروا وكانوا لذلك في رتبة سوء لتركهم فرض الهجرة ، قاله مجاهد . وقيل هم المؤمنون التاركون للهجرة ، كانوا من أهل مكة أو غيرها ، وقيل هم المستضعفون من المسلمين الذين لم يستطيعوا الهجرة ، قاله النحاس وغيره .
والآية على هذه الثلاثة أقوال في المؤمنين ، وقيل هم النساء والصبيان من الكفار ، ونزلت الآية بسبب أم أسماء حين استأذنت أسماء النبي صلى الله عليه وسلم في برها وصلتها ، فأذن لها . وكانت المرأة خالتها على ما روي ، فسمتها في الحديث أما {[10691]} . وذهب إلى هذا القول عبد الله بن رواحة ، فيأتي على هذا في الآية قولان : هل هي في المؤمنين أو الكفار ؟ وإذا كانت في الكفار ففيها قولان : هل هي محكمة أو منسوخة ؟ .