وقوله تعالى : { وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون ( 12 ) } :
اختلف في الذمي يطعن في الشريعة بأن يكذب النبي صلى الله عليه وسلم أو يسبه أو نحو ذلك . فقيل يقتل جملة من غير تفصيل وهو قول الشافعي ، وقيل إذا كفر وأعلن بما هو معهود من معتقده وكفره أدب على الإعلان وترك ، وإذا كفر بما ليس بمعهود في كفره كالسب ونحوه قتل . وقيل لا يقتل جملة من غير تفصيل وحكى ذلك عن أبي حنيفة قال لأن ما هم عليه من الشرك أعظم . وقد استدل بعض العلماء بهذه الآية على وجوب قتله ، وبقتل كعب بن الأشرف {[8906]} وكان معاهدا {[8907]} . والذين ذهبوا إلى أنه يقتل اختلفوا هل تقبل له توبة أم لا ، ففيه عن مالك روايتان . وكذلك اختلف إذا سب النبي صلى الله عليه وسلم ثم أسلم هل يقبلها أم لا على قولين منصوصين في المذهب ، والأظهر في هذا كله أن تقبل توبته لقوله تعالى في هذه الآية : { فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون } {[8908]} وقوله تعالى : { فقاتلوا أئمة الكفر } أن المقدم على نكث العهد والطعن في الدين صار رأسا في الكفر فهو من أئمة الكفر على هذا التأويل ؟ وظاهر الآية يقتضي توقف قتاله عن النكث والطعن وكل واحد منهما يبيح ذلك على انفراده . فالمعنى إن نكثوا أيمانهم حل قتالهم وإن لم ينكثوا وطعنوا في الدين مع الوفاء بالعهد حل قتالهم ، وهذا التأويل ينبني عليه القول بالقتل .