وقوله تعالى : { فسيحوا } :
معناه فقل لهم يا محمد {[8823]} سيحوا في الأرض أي امشوا فيها آمنين هذه المدة . واختلفوا في أول هذه الأربعة الأشهر التي ذكرها الله تعالى .
فقال ابن عباس وغيره أولها شوال ، وحينئذ نزلت الآية وانقضاءها عند انسلاخ الأشهر الحرم ، وانقضاء المحرم بعد يوم الأذان بخمسين يوما . قالوا فكان أجل من له عهد أربعة أشهر من يوم نزول الآية وأجل سائر المشركين خمسون ليلة من يوم الأذان . وهذا قول ضعيف لأن الأجل لا يلزم إلا من يوم سمع إلا أن يكون سمعت براءة أول شوال ثم كرر إشهارها مع الأذان {[8824]} يوم الحج الأكبر {[8825]} . وقال السدي وغيره بل أولها يوم الأذان وآخرها العشر من ربيع الآخر وهي الحرم استعير لها هذا الاسم لهذه الحرمة وإلا من الخاص الذي رسمه الله تعالى وألزمه فيها {[8826]} . والقول الأول أظهر في لفظ الآية لقوله تعالى : { فإذا انسلخ الأشهر الحرم } [ براءة : 5 ] فدل أن بتمام الأشهر الحرم يتم العهد . ويقول {[8827]} أهل القول الثاني أن المعنى في ذلك اقتلوا المشركين الذين لا عهد لهم ألبتة ، فكان على هذا أجل من لا عهد له خمسين يوما {[8828]} وهو مذهب أبي حنيفة {[8829]} .