وقوله تعالى : { وأذان من الله } :
أي إعلام منه . وقوله تعالى : { يوم الحج الأكبر } [ براءة : 3 ] اختلف الناس فيه فقال عمر وابنه وغيرهما {[8830]} هو يوم عرفة ، وقيل هو يوم النحر وهو قول أبي هريرة ، والقولان عن علي مرويان . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يوم النحر وبهذا يقول مالك . وقال سفيان بن عيينة المراد بقوله الحج الأكبر ها هنا أيام الحج كلها كما تقول يوم صفين ويوم الجمل . وقال مجاهد هي أيام منى كلها {[8831]} . والذي تظاهر به الأحاديث أن عليا أذن بتلك الآية يوم عرفة إثر خطبة أبي بكر ثم رأى أنه لم يعم الناس بالإسماع فتتبعهم بالأذان بها يوم النحر وفي ذلك اليوم بعث معه أبو بكر من يعينه في الأذان بها كأبي هريرة وغيره ، وتتبعوا أيضا أسواق العرب كذي المجاز وغيره {[8832]} . فبسبب هذا اختلف الناس . واختلف أيضا لم وصف بالأكبر ، فقيل لأنه حج ذلك العام المسلمون والمشركون وصادف/ أيضا عيد اليهود والنصارى {[8833]} وقيل لأنه حج فيه أبو بكر ونبذت فيه العهود وقيل الحج الأكبر بالإضافة إلى الحج الأصغر وهو العمرة {[8834]} . وقال الشعبي بالإضافة إلى العمرة في رمضان فإنه الحج الأصغر ، وقال مجاهد الحج الأكبر القران والأصغر الإفراد ، وقيل الحج الأكبر يوم النحر والأصغر يوم عرفة وهو قول منذر بن سعيد {[8835]} قال لأن الناس كانوا يقفون يوم عرفة بعرفة إذا كانت الحمس تقف بالمزدلفة وكان الجمع يوم النحر بمنى فلذلك كانوا يسمونه الحج الأكبر وذكر بعضهم أن هذا خطأ لأنه لم يقف أحد في حجة أبي بكر بالمزدلفة {[8836]} . وليس كما قال . وقد حكى قوم من المفسرين {[8837]} أن الحمس ومن تبعها وقفوا بالمزدلفة في حجة أبي بكر وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد افتتح مكة سنة ثمان واستعمل عليها عتاب بن أسيد {[8838]} ثم غزا غزوتين : حنينا والطائف ثم رجع إلى المدينة ثم خرج إلى تبوك ثم رجع في رمضان سنة تسع فأراد الحج {[8839]} ولم يرد أن يحج والمشركون يحجون ويطوفون عراة فأمر أبا بكر أن يحج بالناس وأنفذه ، ثم أتبعه عليا على العضباء لينادي {[8840]} في الناس بأربعة أشياء : ألا يحج بعد العام مشرك ولا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة ولا يطوف بالبيت عريان ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فهو إلى مدته . وفي بعض الروايات ومن كان بينه وبينه عهد فأجله أربعة أشهر يسيح فيها فإذا انقضت فإن الله بريء من المشركين ورسوله وهذه الرواية فيمن يتحسس منه نقض والأول فيمن لم يتحسس منه نقض . وذكر أن العرب قالت يومئذ نحن نبرأ من عهدك وعهد ابن عمك إلا من الطغى والرضا فلام بعضهم بعضا وقالوا ما تصنعون . وقد أسلمت قريش فأسلموا كلهم ولم يسح أحد . وحينئذ دخل الناس في دين الله أفواجا وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر عليا أن يقرأ على الناس من أول براءة . قيل أربعين آية وقيل ثلاثين وقيل عشرين وقيل عشر آيات وقيل تسع آيات {[8841]} وقيل ثمان وعشرون آية {[8842]} .