وبعد أن عرضت الآية السابقة نماذج من آثار عظمة وتدبير الله في السماء والأرض ،وأيقظت وجدان وعقل المخالفين ودعتهم للحكم في أمر الخالق ،واعترف هؤلاء بذلك ،خاطبتهم الآية التالية بلهجة قاطعة وقالت: ( فذلكم الله ربّكم الحق ) لا الأصنام ،ولا سائر الموجودات التي جعلتموها شريكة للباري عز وجل ،والتي تسجدون أمامها وتعظمونها .
كيف يمكن أن يكون هؤلاء أهلا للعبودية في حين أنّهم ليسوا فقط غير قادرين على المشاركة في خلق العالم وتدبيره فحسب ،بل منغمسون في الفقر والاحتياج من الرأس حتى أخمص القدم .
ثمّ تنتهي إِلى ذكر النتيجة: ( فماذا بعد الحق إلاّ الضلال فأنى تصرفون )وأَنّى تولوا وجوهكم عن عبادة الله وأنتم تعلمون ألا خالق ولا معبود حقّاً سواه ؟
إِنّ هذه الآية في الواقع تطرح طريقاً منطقياً واضحاً لمعرفة الباطل وتركه ،وهو أن يخطو الإِنسان أوّلا في سبيل معرفة الحق بآليات الوجدان والعقل ،فإِذا عرف الحق فإِنّ كل ما خالفه باطل وضلال ،ويجب أن يضرب عرض الحائط .