وتوكّد الآية الأُخرى على عظمة هذه العقوبة ،وخاصّة في القيامة ،فتقول: ( ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الأرض لافتدت به ){[1733]} .في الواقع ،إِنّ هؤلاء مستعدون لأن يدفعوا أكبر رشوة يمكن تصورها من أجل الخلاص من قبضة العذاب الإِلهي ،لكن لا أحد يقبل من هؤلاء شيئاً ،ولا ينقص من عذابهم مقدار رأس إبرة ،خاصّة وأنّ لبعض هذه العقوبات صبغة معنوية ،وهي أنّهم: يرون العذاب والفضيحة في مقابل أتباعهم ممّا يوجب لهم إظهار الندم مزيداً من الخزي والعذاب النفسي فلذلك يحاولون عدم إبراز الندم: ( وأسروا الندامة لما رأوا العذاب ) .
ثمّ توكّد الآية على أنّه بالرغم من كل ذلك ،فإِنّ الحكم بين هؤلاء يجري بالعدل ،ولا يظلم أحد منهم: ( وقضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون ) .إِنّ هذه الجملة تأكيد على طريقة القرآن دائماً في مسألة العقوبة والعدالة ،لأنّ تأكيدات الآية السابقة في عقاب المذنبين يمكن أن توجد لدى الأفراد الغافلين تَوَهُّمَ أَنَّ المسألة مسألة انتقام ،ولذا فإِنّ القرآن يقول أوّلا إِنّ الحكم بين هؤلاء يجري بالقسط ،ثمّ يؤكّد على أنّ أي أحد من هؤلاء سوف لا يظلم .
/خ56