ثمّ يُعرّف القرآن الكريم الكفّار في الآية الأُخرى ،ويذكر لهم ثلاث صفات كيما نستطيع أن نعرّفهم من أوّل وهلة ،يقول تعالى أوّلا: ( الذين يستحبّون الحياة الدنيا على الآخرة ){[1955]} فهم يضحّون بالإيمان والحقّ والعدالة والشرف التي هي من خصائص محبّي الآخرة ،من أجل منافعهم الشخصيّة وشهواتهم .
ثمّ يبيّن تعالى أنّ هؤلاء غير قانعين بهذا المقدار من الضلال ،بل يسعون في أن يضلّوا الآخرين ( ويصدّون عن سبيل الله ) فهم في الواقع يوجدون الموانع المختلفة في طريق الفطرة الإلهيّة فيزيّنون الهوى ،ويدعون الناس إلى الذنوب ،ويخوّفونهم من الصدق والإخلاص .
ولا يقتصر عملهم على ذلك فحسب ،بل ( ويبغونها عوجاً ) ثمّ يحاولون أن يصبغوا الآخرين بصبغتهم ،ويسعون في أن يحرفوا السبيل للوصول إلى هدفهم من خلال نشر الخرافات وابتداع السنن الخبيثة ( أُولئك في ضلال بعيد ) .
وهذا الضلال قد أوجد بُعد المسافة بينهم وبين الحقّ فكان من العسير جدّاً عودتهم إلى طريق الحقّ ،ولكن ذلك كان نتيجة لأعمالهم .
/خ3