المفردات:
يستحبون: يختارون .
ويصدون عن سبيل الله: يمنعون غيرهم عن دينه الذي يوصل إلى مرضاته وثوابه .
ويبغونها عوجا: أي: ويطلبونها .والضمير عائد على السبيل ؛فإنها مؤنثة ،أي: ويطلبون لسبيل الله العوج .
التفسير:
{الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة ...} .
وصف سبحانه هؤلاء الكافرين بصفات ثلاث هي:
( أ ) إيثار الدنيا وشهواتها وآثامها وموبقاتها ،على الأعمال الصالحة ،التي تقربهم من الله زلفى ،وينسون يوما تجازى فيه كل نفس بما كسبت ،يوم يفر المرء من أخيه ،وأمه وأبيه ،وصاحبته وبنيه ،وفصيلته التي تؤويه ،ومن في الأرض جميعا .
( ب ){ويصدون عن سبيل الله} . يصنعون العراقيل في طريق دعوة الحق ؛حتى يبتعد الناس عنها ،ويمنعون من تتجه عزائمهم إلى الإيمان بالله ورسوله ،من السير في طريق الإيمان ،وذلك بسبب الكفر والطغيان ،الذي ران على قلوبهم بما كانوا يكسبون .
( ج ){ويبغونها عوجا} .ويطلبون لطريق الله ودعوته وسبيله: الميل والعوج ؛لتوافق فجورهم ونزواتهم ،وسبيل الله أبعد ما تكون عن العوج والاضطراب ؛لأن سبيل الله صراط مستقيم قويم ،وبعض الناس يدعي: أن أحكام القرآن وآدابه ،وتشريعاته وقوانينه ،تناسب أمة البدو العربية ،ولا تناسب الشعوب المتحضرة المتقدمة ،ونقول لهؤلاء: إن أحكام هذا القرآن ،وهدى هذه الشريعة ،غيرت وجه البسيطة ،وصنعت خير أمة أخرجت للناس ،آمنت بالله وأمرت بالمعروف ونهت عن المنكر ،وكانت مضرب الأمثال في العدل وترك الجور ،وثلث عروش الأكاسرة والقياصرة وامتلكت بلادهم ،إلى أن غير أهلها معالمها ،فأركسهم الله بما كسبوا ،فبدل عزهم ذلا ،وسعادتهم شقاء ،وتلك سنة الله ؛أن الأرض يرثها عباده الصالحون ؛لاستعمارها .
ثم حكم سبحانه على الكافرين بما يستحقون فقال:{أولئك في ضلال بعيد} .
أي: أولئك الموصوفون بإيثارهم الدنيا وزهرتها ،وصدهم عن الدين ،وابتغائهم له الزيغ والعوجأولئك في ضلال بعيد عن الحق ،لا يرجى لهم والحالة هذه؛هداية ولا رشاد .