التّفسير
دين حق ومعبود واحد:
تتناول هذه الآيات موضوع نفي الشرك تعقيباً لبحث التوحيد ومعرفة اللّه عن طريق نظام الخلق الذي ورد في الآيات السابقة ،لتتّضح الحقيقة من خلال المقارنة بين الموضوع ،ويبتدأ ب: ( وقال اللّه لا تتخذوا إِلهين اثنين إنّما هو إِله واحد فإِيّاي فارهبون ) .
وتقديم كلمة «إِيّاي » يراد بها الحصر كما في «إِيّاك نعبد » أيْ: يجب الخوف من عقابي لا غير .
ومن الملفت للنظر أنّ الآية أشارت إلى نفي وجود معبودين في حين أن المشركين كانوا يعبدون أصناماً متعددة .
ويمكن أن يكون ذلك إِشارة إلى إِحدى النقاط التالية أو إلى جميعها:
1إِنّ الآية نفت عبادة اثنين ،فكيف بالأكثر ؟!
وبعبارة أُخرى: إِنّها بيّنت الحد الأدنى للمسألة ليتأكّد نفي الأكثر ،وأيُّ عدد ننتخبه ( أكثر من واحد ) لابدّ له أن يمر بالاثنين .
2كل ما يعبد من دون اللّه جمع في واحد ،فتقول الآية: أن لا تعبدوها مع اللّه ،ولا تعبدوا إِلهين ( الحق والباطل ) .
3كان العرب في الجاهلية قد انتخبوا معبودين:
الأوّل: خالق العالم ،أيْ اللّه عز وجل وكانوا يؤمنون به .
والثّاني: الأصنام ،واعتبروها واسطة بينهم وبين اللّه ،واعتبروها كذلك منبعاً للخير والبركة والنعمة .
4يمكن أن تكون الآية ناظرة إلى نفي عقيدة ( الثنويين ) القائلين بوجود إِله للخير وآخر للشر ،ومع انتخابهم لأنفسهم هذا المنطق الضعيف الخاطئ ،إلاّ إنّ عبدة الأصنام قد غالوا حتى في هذا المنطق وتجاوزوه لمجموعة من الآلهة !
وينقل المفسّر الكبير العلاّمة الطبرسي في تفسير هذه الآية عبارة لطيفة نقلها عن بعض الحكماء: ( نهاك ربك أن تتخذ إِلهين فاتخذت آلهة ،عبدتَ: نفسك وهواك ،وطبعك ومرادك ،وعبدتَ الخلق فأنّى تكون موحداً ) .