/م84
وفي الآية التالية ..يستمر الحديث عن عاقبة المشركين ،وكيف أنّهم سيحشرون في جهنّم مع ما أشركوا من معبوداتهم الحجرية والبشرية ،فتقول الآية المباركة واصفة حالهم: ( وإِذا رأى الذين أشركوا شركاءهم قالوا ربّنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنّا ندعو من دونك ) ،فهذه المعبودات هي التي وسوست لنا للوقوع في درك العمل القبيح ،وهي شريكنا في الجرم أيضاً ،فارفع عنّا بعض العذاب واجعله لها !
وعندها ...تبدأ تلك الأصنام بالتكلم ( بإِذن اللّه ): ( فألقوا إِليهم القول إِنّكم لكاذبون ) ،فلم نكن شركاء لله ،ومهما وسوسنا لكم فلا نستحق حمل بعض أوزاركم .
وهنا ينبغي التذكير ببعض الملاحظات:
1إِنّ استعمال كلمة «شركاءهم » بدلا من «شركاء اللّه » للدلالة على أنّ الأصنام ما كانت في حقيقتها شريكة لله عزَّ وجلّ ،بل إِنّ عبدة الأصنام والمشركين هم الذين نسبوها بهذا النسب خيالا وكذباً ،فمن الحري أن تنسب لهم وليس إلى اللّه سبحانه .
ويؤيد ذلك ما مرّ علينا فيما سبق من تخصيص عبدة الأصنام بعض مواشيهم ومحصولاتهم الزراعية مشاركة بينهم وبين الأصنام أي أنّهم جعلوا الأصنام شريكة لهم في هذه الأنعام .
2يستفاد من الآية أنّ الأصنام تحضر عرصة يوم القيامة أيضاً ،وليس المعبودات البشرية فقط كفرعون والنمرود .
والآية ( 98 ) من سورة الأنبياء: ( إنّكم وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنم ) تؤيد ذلك .
3وتظهر الآية قول المشركين يوم القيامة من أنّهم كانوا يعبدون هذه الأصنام: ( هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعو من دونك ) وهذا القول يتضمن صدقهم في قولهم فلا معنى لتكذيب الأصنام لهم في هذه المقولة .
ولكن من الممكن أنْ يكون التكذيب بمعنى عدم لياقة الأصنام لأنْ تكون معبودة من دون اللّه .أو أنّ المشركين قد أضافوا جملة أُخرى مفادها أنّ هذه المعبودات قد دعتنا ووسوست لنا لنعبدها ،فتكذبهم الأصنام بأنّها لا تملك القدرة أصلا على الوسوسة والإِيحاء .
4لعل ورود جملة ( فألقوا إِليهم القول ) بدل «قالوا لهم » لعدم قدرة الأصنام على التكلم بنفسها ،فيكون قولها عبارة عن إِلقاء من قبل اللّه فيها ،أيْ أنّ اللّه عز وجل يلقي إِليها ،وهي بدورها تلقية إلى المشركين .
/خ89