قوله تعالى:{وإذا رأى الذين أشركوا شركاءهم قالوا ربّنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعوا من دونك} [ النحل: 86] .
إن قلتَ: ما فائدة قولهم ذلك ،مع أنه تعالى عالم بهم ؟ !
قلتُ: لما أنكروا الشّرك بقولهم:{والله ربّنا ما كنا مشركين} [ الأنعام: 23] عاقبهم الله بإصمات ألسنتهم ،وأنطق جوارحهم({[364]} ) ،فقالوا عند معاينة آلهتهم:{ربنا هؤلاء شركاؤنا} .
فأقرّوا بعد إنكارهم طلبا للرحمة ،وفرارا من الغضب ،فكان هذا القول على وجه الاعتراف منهم بالذنب ،لا على وجه إعلام من لا يعلم ،أو أنهم لما عاينوا عظيم غضب الله ،قالوا ذلك رجاء أن يلزم الله الأصنام ذنوبهم ،فيخفّ عنهم العذاب .
قوله تعالى:{فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون} [ النحل: 86] .
"فألقوا "أي الشركاء كالأصنام{إليهم القول} فُسّر القول بقوله:{إنكم لكاذبون} أي في قولكم: إنكم عبدتمونا!.
فإن قلتَ: لم قالت الأصنام للمشركين ذلك ،مع أنهم كانوا صادقين فيه ؟ !.
قلتُ: قالوه لهم لتظهر فضيحتهم ،حيث عبدوا من لا يعلم بعبادتهم .
فإن قلت: كيف أثبت للأصنام نُطقا هنا ،ونفاه عنه في قوله في الكهف:{فدعوهم فلم يستجيبوا لهم} ؟ ![ النحل: 86] .
قلتُ: المثبت لهم هنا ،النّطق بتكذيب المشركين ،في دعوى عبادتهم لها ،والمنفيّ عنها في الكهف النّطق بالإجابة إلى الشفاعة لهم ،ودفع العذاب عنهم ،فلا تنافي .