في هذه الأثناء من أجل أن تكمل مريم مكان خلوتها واعتكافها من كل جهة ،فإِنّها ( فاتخذت من دونهم حجاباً ) ولم تصرح الآية بالهدف من اتّخاذ هذا الحجاب ،فهل أنّه كان من أجل أن تناجي ربّها بحرية أكبر ،وتستطيع عند خلو هذا المكان من كل ما يشغل القلب والحواس أن تتوجه إلى العبادة والدعاء ؟أو أنّها كانت تريد اتخاذه من أجل الغسل والاغتسال ؟الآية ساكتة من هذه الجهة .
على كل حال ،( فأرسلنا إِليها روحنا فتمثل لها بشراً سوياً ) والروح أحد الملائكة العظام حيث تجسّد لمريم على شكل انسان جميل لا عيب فيهولا نقص .
إِنّ الحالة التي اعترت مريم في تلك اللحظة واضحة جدّاً ،فمريم التي عاشت دائماً نقية الجيب ،وتربّت في أحضان الطاهرين ،وكان يضرب بها المثل بين الناس في العفة والتقوى ...كم داخلها من الرعب والاضطراب عند مشاهدة هذا المنظر ،وهو دخول رجل أجنبي جميل في محل خلوتها !ولذلك فإِنّها مباشرة ( قالت إِنّي أعوذ بالرحمن منك إِن كنت تقياً ) .