الآيتان:
{ وَقَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا اللهُ أَوْتَأْتِينَآ ءَايَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَبَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الاَْيَتِ لِقَوْم يُوقِنُونَ ( 118 ) إنَّآ أَرْسَلْنَكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلاَ تُسْئَلُ عَنْ أَصْحَبِ الْجَحِيمِ} . ( 119 )
التّفسير:
حجج أخرى:
بمناسبة ذكر حجج اليهود في الآيات السابقة ،تتحدث الآية عن حجج مجموعة أخرى من المعاندين ويبدو أنهم المشركون العرب فتقول:{وَقَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا اللهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ} .
هؤلاء الجاهلونأو الذين لا يعلمونبتعبير الآية ،طرحوا طلبين بعيدين عن المنطق ،طلبوا:
1أن يكلمهم الله:{لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا اللهُ} .
2أن تنزل عليهم آية: ( أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ ) .
والقرآن يجيب على هذه الطلبات التافهة قائلا:{كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الاْيَاتِ لِقَوْم يُوقِنُونَ} .
لو أن هؤلاء يستهدفون حقاً إدراك الحقيقة ،ففي هذه الآيات النازلة على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) دلالة واضحة بينة على صدق أقواله ،فما الداعي إلى نزول آية مستقلة على كل واحد من الأفراد ؟!وما معنى الإصرار على أن يكلمهم الله مباشرة ؟!
مثل هذا الطلب تذكره الآية 52 من سورة المدثر:{ بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِيء مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً} .
مثل هذا الطلب لا يمكن أن يتحقق ،لأن تحققهإضافة إلى عدم ضرورتهمخالف لحكمة الباري سبحانه ،لما يلي:
أوّلا: إثبات صدق الأنبياء للناس كافة أمر ممكن عن طريق الآيات التي تنزل عليهم .
ثانياً: لا يمكن للآيات والمعاجز أن تنزل على أي فرد من الأفراد ،فذلك يتطلب نوعاً من اللياقة والإِستعداد والطّهارة الرّوحية .فالأسلاك الكهربائية تتحمل من التيّار ما يتناسب مع ضخامتها .الأسلاك الرقيقة لا تتحمل التّيار العالي ،ولا يمكن أن تتساوى بالأسلاك الضخمة القادرة على توصيل التّيارات العالية .والمهندس يفرّق بين الأسلاك التي تستقبل التّيارات العالية من المولدات مباشرة ،والأسلاك التي تنقل التيّار الواطيء داخل البيوت .
/خ119