/م121
ثمّ إن الآية الثانية تشير إلى زاوية أخرى من هذا الحدث إذ تقول: ( وإذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) .
والطائفتان كما يذكر المؤرخون هما «بنو سلمة » من الأوس و «بنو حارثة » من الخزرج .
فقد صممت هاتان الطائفتان على التساهل في أمر هذه المعركة والرجوع إلى المدينة ،وهمتا بذلك .
وقد كان سبب هذا الموقف المتخاذل هو أنهما كانتا ممّن يؤيد فكرة البقاء في المدينة ومقاتلة الأعداء داخلها بدل الخروج منها والقتال خارجها ،وقد خالف النبي هذا الرأي ،مضافاً إلى أن «عبد الله بن أبي سلول » الذي التحق بالمسلمين على رأس ثلاثمائة من اليهود عاد هو وجماعته إلى المدينة ،لأن النبي عارض بقاءهم في عسكر المسلمين ،وقد تسبب هذا في أن تتراجع الطائفتان المذكورتان عن الخروج مع النبي وتعزما على العودة إلى المدينة من منتصف الطريق .
ولكن يستفاد من ذيل الآية أن هاتين الطائفتين عدلتا عن هذا القرار ،واستمرتا في التعاون مع بقية المسلمين ،ولهذا قال سبحانه ( والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) يعني أن الله ناصرهما فليس لهما أن تفشلا إذا كانتا تتوكلان على الله بالإضافة إلى تأييده سبحانه للمؤمنين .
ثمّ لابدّ من التنبيه إلى نقطة هامة وهي أن ذكر هذه المقاطع من غزوة «أحد » بعد الآيات السابقة التي تحدثت عن لزوم عدم الوثوق بالكفّار ،إشارة إلى نموذج واحد من هذه الحقيقة ،لأن النبيكما أسلفنا وكما سيأتي تفصيلهلم يسمح ببقاء اليهودالذين تظاهروا بمساعدة المسلمينفي المعسكر الإسلامي ،لأنهم كانوا أجانب على كلّ حال ،ولا يمكن السماح لهم بأن يبقوا بين صفوف المسلمين فيطلعوا على أسرارهم في تلك اللحظات الخطيرة ،وأن يكونوا موضع اعتماد المسلمين في تلك المرحلة الحساسة .
/خ122