على أيّة حال ،فإنّ القرآن الكريممن خلال الآية التاليةيكرّر الحديث بصورة مفصّلة حول قضيّة توبة سليمان التي وردت في آخر عبارة تضمّنتها الآية السابقة: ( قال ربّ اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي إنّك أنت الوهّاب ) .
هنا يطرح سؤال:هل يستشفّ البخل من طلب سليمان ( عليه السلام )
ذكر المفسّرون أجوبة كثيرة على هذا السؤال ،الكثير منها لا يتطابق مع ظاهر الآيات ،والجواب الذي يبدو أكثر تناسباً ومنطقية من بقيّة التفاسير هو أنّ سليمان طلب من الباري عزّ وجلّ أن يهب له ملكاً مع معجزات خاصّة ،كي يتميّز ملكه عن بقيّة الممالك ،لأنّنا نعرف أنّ لكلّ نبي معجزة خاصّة به ،فموسى ( عليه السلام ) معجزته العصا واليد البيضاء ،ومعجزة إبراهيم ( عليه السلام ) عدم إحراق النار له بعد أن اُلقي فيها ،ومعجزة صالح ( عليه السلام ) الناقة الخاصّة به ،ومعجزة نبيّنا الأكرم محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) هو القرآن المجيد ،وسليمان كان ملكه مقترناً بالمعجزات الإلهيّة ،كتسخير الرياح والشياطين له مع مميّزات أخرى .
وهذا الأمر لا يعدّ عيباً أو نقصاً بالنسبة للأنبياء الذين يطلبون من الله أن يؤيّدهم بمعجزة خاصّة ،كي يبرهنوا للناس على صدق نبوّتهم ،ولهذا فلا يوجد أي مانع في أن يطلب الآخرون ملكاً أوسع وأكبر من ملك سليمان ،ولكن لا تتوفّر فيه الخصائص التي أعطيت لسليمان .