/م22
يقول تعالى:{هو الله الذي لا إله إلاّ هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم} .
هنا وقبل كلّ شيء يؤكّد على مسألة التوحيد ،التي هي أصل لجميع صفات الجمال والجلال ،وهي الأصل والأساس في المعرفة الإلهية ،ثمّ يذكر علمه بالنسبة للغيب والشهود .
«الشهادة » و «الشهود »كما يقول الراغب في المفرداتهي الحضور مقترناً بالمشاهدة سواء بالعين الظاهرة أو بعين البصيرة ،وبناءً على هذا ،فكلّ مكان تكون للإنسان فيه إحاطة حسيّة وعلمية يطلق عليها عالم شهود ،وكلّ ما هو خارج عن هذه الحدود يطلق عليه «عالم الغيب » وكلّ ذلك في مقابل علم الله سواء ،لأنّ وجوده اللامتناهي في كلّ مكان حاضر وناظر ،فلا مكانإذنخارج حدود علمه وحضوره ،قال تعالى:{وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلاّ هو}{[5218]} .
والتوجّه بهذا الفهم نحو الذات الإلهية يؤدّي بالإنسان إلى الإيمان بأنّ الله حاضر وناظر في كلّ مكان ،وعندئذ يتسلّح بالتقوى ،ثمّ يعتمد على رحمته العامّة التي تشمل جميع الخلائق: ( الرحمن ) ورحمته الخاصّة التي تخصّ المؤمنين ،( والرحيم ) لتعطي للإنسان أملا ،ولتعينه في طريق بناء نفسه والتكامل بأخلاقه وسلوكه بالسير نحو الله ،لأنّ هذه المرحلةالحياة الدنيالا يمكن للإنسان أن يجتازها بغير لطفه ،لأنّها ظلمات وخطر وضياع .
وبهذا العرضبالإضافة إلى صفة التوحيدفقد بيّنت الآية الكريمة ثلاثة من صفاته العظيمة ،التي كلّ منها تلهمنا نوعاً من المعرفة والخشية لله سبحانه .
/خ24