وفي الآية التالية يُثار هذا الموضوع بمزيد الصراحة والتأكيد ،ويُستفهم عنه استفهاماً إنكارياً أيضاً ،إذ تقول الآية: ( كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلاًَّ ولا ذمّة ) .
وكلمة «الإلُّ » معناها القرابة ،وقال بعضهم: إنّها تعني هنا العهد والميثاق .
فعلى المعنى الأوّل أي «القرابة » يكون المراد من ظاهر الآية أنّه بالرغم من أنّ قريشاً تربطها برسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) وبعض المسلمين علاقة قربى ،إلاّ أنّها لا ترقب هذه القرابة أو الرحم ولا ترعى حُرمتها ،فكيف إذن تتوقع من النّبي والمسلمين احترامَ علاقتهم بها .
وعلى المعنى الثّاني تكون كلمة «إلّ » مؤكَّدةً بكلمة ( ذمّة ) وتعني العهد والميثاق أيضاً ،قال الراغب في المفردات: إن «الإل » كل حالة ظاهرة من عهد حلف وقرابة تئل ( أي تلمع ) فلا يمكن إنكاره{[1602]} .
وتضيف الآية معقبة بأن هؤلاء يريدون أن يخدعوكم بألفاظهم المزوّقة فقالت: ( يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم ) .
لأن قلوبهم مليئة بالحقد والقسوة وطلب الانتقام وعدم الاعتناء بالعهد وعلاقة القربى ،وإن أظهروا المحبّة بألسنتهم .
وفي نهاية الآية إشارة إِلى جذر هذا الموضوع وأساسه وهو فسقهم ،فتقول: ( وأكثرهم فاسقون ) .
/خ10