وقوله تعالى:
8{ كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون}
{ كيف وإن يظهروا عليكم} أي يظفروا بكم بعد ما سبق لهم من تأكيد الأيمان والمواثيق{ لا يرقبوا فيكم إلا} أي قرابة ويمينا{ ولا ذمة} أي عهدا .وهذه الجملة مردودة على الآية الأولى ،أي كيف يكون لهم عهد ،وحالهم ما ذكر ؟ وفيه تحريض للمؤمنين على التبرؤ منهم ،لأن من كان أسير الفرصة ،مترقبا لها لا يرجى منه دوام العهد .
قال الناصر:ولما طال الكلام باستثناء الباقين على العهد ،أعيدت{ كيف} تطرية للذكر ،وليأخذ بعض الكلام بحجزة بعض .انتهى .
ثم استأنف تعالى بيان حالهم المنافية لثباتهم على العهد ،بقوله:{ يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم} أي ما تتفوه به أفواههم{ وأكثرهم فاسقون} أي متمردون ،لا عقيدة تزعمهم ،ولا مروءة تردعهم .وتخصيص الأكثر لما في بعض الكفرة من التفادي عن الغدر ،والتعفف عما يجر إلى أحدوثة السوء .