( وأمّا بنعمة ربّك فحدّث ) .
والحديث عن النعمة قد يكون باللسان ،وبتعابير تنمّ عن غاية الشكر والإمتنان ،لا عن التفاخر والغرور .وقد تكون بالعمل عن طريق الإنفاق من هذه النعمة في سبيل اللّه ،إنفاقا يبيّن مدى هذه النعمة .هذه هي خصلة الإنسان السخي الكريم ...يشكر اللّه على النعمة ،ويقرن الشكر بالعمل ،خلافاً للسخفاء البخلاء الذين لا يكفون عن الشكوى والتأوه ،ولا يكشفون عن نعمة ولو حصلوا على الدنيا وما فيها ،وجوههم يعلوها سيماء الفقر ،وكلامهم مفعم بالتذمّر والحسرة ،وعملهم يكشف عن فقر !
بينما روي عن رسول اللّه( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال: «إنّ اللّه تعالى إذا أنعم على عبد نعمة يحب أن يرى أثر النعمة عليه »{[6050]}
من هنا يكون معنى الآية: بيّن ما أغدق اللّه عليك من نِعَم بالقول والعمل ،شكراً على ما أغناك اللّه إذ كنت عائلاً .
بعض المفسّرين ذهب إلى أنّ النعمة في الآية هي النعمة المعنوية ومنها النبوّة والقرآن ،والأمر للنبيّ بالإبلاغ والتبيين ،وهذا هو المقصود من الحديث بالنعمة .
ويحتمل أيضاً أن يكون المعنى شاملاً للنعم المادية والمعنوية ،لذلك ورد عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق( عليه السلام ) في تفسير هذه الآية قوله: «حدث بما أعطاك اللّه ،وفضلك ،ورزقك ،وأحسن إليك وهداك »{[6051]} .
وعن رسول اللّه( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال: «من اُعطي خيراً فلم يُر عليه ،سمّي بغيض اللّه ،معادياً لنعم اللّه »{[6052]} .
وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب( عليه السلام ) قال: «إنّ اللّه جميل يحب الجمال ،ويحب أن يرى أثر النعمة على عبده »{[6053]}
/خ11