{تَغَشَّاهَا}: التغشية كناية عن الجماع بين الرجل والمرأة .
الإنسان في تعاطيه مع الله
في هذه الآيات لونٌ من ألوان الحديث عن حالة الإنسان الطبيعية التي تدفعه إلى اللجوء إلى الله في ما يخاف ويرجو ،فيعاهده على الإخلاص له في خط الإيمان والتوحيد ،حتى إذا حصل له ما يرجوه أو دفع عنه ما يحذره ،نسي ذلك كله ،واستغرق في ذاته حيث أطماعه وشهواته ،فأشرك بالله شرك عبادة فيمن كان يطيعهم في معصية الله ...ثم ينطلق الحديث عن الشرك والشركاء في أسلوب تحليليّ يفصّل فيه سخف هذا الاتجاه ،وطريقةٍ تحذيريةٍ يبين فيها نتائجه السلبية على مصير الإنسان في حياته .
{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} في ما يمثله النوع الإنساني من الزوجية في الوجود في الذكر والأنثى ،{لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} فيحسّ معها بالراحة والطمأنينة والهدوء والمتعة ...{فَلَمَّا تَغَشَّاهَا} وهو كناية عن جُماع الرجل للمرأة ،{حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا} وذلك من خلال بداية النطفة في النموّ ،في ما تمثله من حملٍ خفيفٍ لا يثقل بدن المرأة ،{فَمَرَّتْ بِهِ} من دون أن يمنعها عن حرية الحركة أو خفّتها ،فكانت تذهب وتجيء وتمارس كل أعمالها بطريقة طبيعية لا ثقل فيها ،{فَلَمَّآ أَثْقَلَت} وكبر حملها وتحول إلى جنين كاملٍ ينتظر لحظة الولادة ،وبدأت الآلام وبدأ الخوف على النفس وعلى الجنين ،رجعا إلى اللهأي الرجل والمرأةفي دعاء متوسّلٍ يحمل معنى العهد والميثاق .{دَّعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيتنا} سالماً من كل عيب أو تشويهٍ أو نقص في البدن والعقل{لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} الذين يشكرونك بتوحيد العمل كما يشكرونك بتوحيد العقيدة .واستجاب الله دعاءهما ؛دعاء كل أب وأم ،لأنّ القضية ليست قضية آدم وحواء أو إنسانين معينين ،بل هي قضية النوع الإنساني كله ،الذي يعيش هذا الجوَّ النفسي أمام حالة الخوف وإن لم يعبّر عن ذلك بالكلمات .