ثم بين تعالى عظم جناية الكفرة في جراءتهم على الإشراك ،بتذكير مبادئ أحوالهم المنافية له ،بقوله سبحانه:
[ 189]{ هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشَّاها حملت حملا خفيفا فمرَّت به فلما أثقلت دَّعَوَا الله ربهما لئن آتيتنا صالحا لَّنكونَنَّ من الشاكرين ( 189 )} .
{ هو الذي خلقكم من نفس واحدة} وهي نفس آدم عليه السلام{ وجعل منها زوجها} أي من جنسها ،كقوله تعالى{[4272]}:{ ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا}{ ليسكن إليها} أي لطمئن إليها ويميل ،ولا ينفر ،لأن الجنس إلى الجنس أميل ،وبه آنس .وإذا كانت بعضا منه كان السكون والمحبة أبلغ ،كما يسكن الإنسان/ إلى ولده ،ويحبه محبة لكونه بضعة منه .وذكر{ ليسكن} بعد ما أنث في قوله{ واحدة} و{ منها زوجها} ذهابا إلى معنى النفس ،ليبين أن المراد بها آدم ،ولأن الذكَر هو الذي يسكن إلى الأنثى ويتغشاها ،فكان التذكير أحسن طباقا للمعنى .أفاده الزمخشري .{ فلما تغشاها} أي وطئها .و ( التغشي ) كناية عن الجماع ،وكذلك الغشيان والإتيان{ حملت حملا خفيفا} أي خف عليها ،وذلك أول الحمل ،لا تجد المرأة له ألما ،إنما هي النطفة ،ثم العلقة ،ثم المضغة{ فمرَّتْ به} أي فاستمرت خفيفة ،وقامت وقعدت{ فلمَّا أثقلت} أي صارت ذات ثقل ،لكبر الولد في بطنا{ دَّعَوا الله ربَّهُما لئن آتيتنا صالحا} أي ولدا سويا قد صلح بدنه ،أو غلاما{ لنكونن من الشاكرين} أي على نعمائك التي منها هذه النعمة .