{قالوا تالله تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين85 قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون86} .
المفردات:
تالله: أي: والله !فالتاء حرف يستعمل في القسم بالله خاصة .
تفتأ: أي: ما زلت .
قال الكسائي: فتأت وفتئت أي: ما زلت ،وقال الفراء: إن الكلام هنا بتقدير( لا ) أي( لا تفتأ ) .وكثيرا ما تضمر( لا ) في جواب القسم كما في قول امرئ القيس: فقلت:
يمين الله أبرح قاعدا ولو*** قطعوا رأسي لديك وأوصالي .
أي: بحق الله لا أبرح ،وهو رأي الخليل وسيبويه ،وعللوا جواز ذلك: بأنه لا يلتبس بالإثبات إذ لو كان على الإثبات ؛لوجب اقترانه باللام والنون كقولك: تالله لأفعلن كذا .
حرضا: الحرض لغة: فساد الجسم أو العقل من الحزن أو العشق أو الهرم ؛كما قال أبو عبيد وغيره .
التفسير:
85{قالوا تالله تفتؤا تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين ...} .
أي: قال أبناء يعقوب له بعد أن سمعوه يردد الأسف على فقد يوسف: يا أبانا ،لا تزال تذكر يوسف بهذا الحنين الجارف ،والحزن المضني ،حتى تكون حرضا .أي: مريضا ضعيف القوة .
{أو تكون من الهالكين} .أو يصيبك الموت فعلا ؛فأنت إما أن تقارب الموت ضعفا وهزالا ،أو تموت بالفعل وقد قالوا ذلك ؛رقة له وشفقة عليه ورأفة به .
قال النسفى: ويجوز للنبي أن يبلغ به الجزع ذلك المبلغ ؛لأن الإنسان مجبول على ألا يملك نفسه عند الحزن ؛ولذلك حمد صبره .