{ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم110* يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون111} .
المفردات:
من بعد ما فتنوا: عذبوا وأوذوا ،وأصل الفتن: إدخال الذهب في النار ؛لتظهر جودته من رداءته ،ثم استعمل في المحنة والابتلاء يصيب الإنسان ..
/م110
التفسير:
110{ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم} .
تتحدث الآية عن مؤمنين كانوا مستضعفين بمكة ،فلما اشتد عليهم العذاب ؛والوا قومهم ،وتكلموا في الظاهر بما يرضي المشركين ،ثم هاجروا بعد ذلك إلى المدينة ،وحسن إسلامهم وبلاؤهم .
والمعنى: ثم إن ربك يا محمد ،لهؤلاء المهاجرين الذين امتحنوا بمكة ،ثم هاجروا إلى المدينة ،وجاهدوا مع المؤمنين ،وصبروا وصابروا ،ودفعوا ضريبة الإيمان ،من التضحية والفداء ؛إن ربك يا محمد من بعد هذه المواقف{لغفور رحيم} .يغفر لهم موالاة الكافرين بمكة ،ويرحم ضعفهم ،ويجزل مثوبتهم ،فقد أتبعوا السيئة بالحسنة ،وعوضوا ما فاتهم ،وقاموا بجهد مبارك مع المسلمين .
رأي آخر
قال الآلوسي:
وقرأ ابن عامر:{من بعدما فتنوا} ،بالبناء للفاعل ،وهو ضمير المشركين عند غير واحد ،أي: عذبوا المؤمنين كالحضرمي ،أكره مولاه"جبرا "حتى ارتد ،ثم أسلما وهاجرا ..
والمعنى: إن مغفرة لله تكون للمشرك الذي فتن المؤمنين ،ثم هاجر وجاهد وصبر ؛فإن الإسلام يجب ما قبله ،وإن مغفرة والله ورحمته لكل من طرق بابه ،وقد كان خالد بن الوليد من أبطال المشركين ،وقد نال من المؤمنين في معركة أحد ،حيث شاهد الرماة قد تركوا أماكنهم في ظهر المعركة ،فأخذ جماعة من رجال المشركين ،وانقض على المسلمين من الخلف ،وأعمل السيف في مؤخرة الجيش ،فاحتل نظام الجيش ،وصار المسلمون يقتل بعضهم بعضا ،ولما أسلم خالد بن الوليد ،قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ادع الله أن يغفر لي تلك المشاهد التي شهدتها عليك ،فقال صلى الله عليه وسلم:( أما علمت أن الإسلام يجبّ ما قبله ) .